اتسعت الفجوة بين عرض النفط والطلب عليه في شكل أكبر خلال الربع الأول من السنة، ليبلغ المعروض من 2 إلى 2.3 مليون برميل يومياً، وفقاً لبيانات «أوبك». ويعزى ذلك أساساً إلى تراجع الطلب بمقدار 600 ألف برميل يومياً مقارنة بالربع الرابع عام 2015، في حين سجّل العرض العالمي انخفاضاً بمقدار 200 ألف برميل يومياً في شباط (فبراير)، معظمه في العراق ونيجيريا والإمارات العربية المتحدة. ورأى الخبير الاقتصادي في شركة «آسيا للاستثمار» كميل عقاد، أن «إنتاج أكبر منتجين للنفط في شباط الماضي ارتفع، أي السعودية وروسيا، ما يشير إلى حدة المنافسة القائمة للحفاظ على حصصهم في السوق». وأشار إلى أن «البيانات تؤكد أن إيران تعود بقوة إلى السوق برفع إنتاجها من 2.9 إلى 3.1 مليون برميل يومياً بين كانون الثاني (يناير) وشباط الماضيين، بينما ارتفع المخزون النفطي في الولاياتالمتحدة إلى نحو 10 في المئة حتى الآن منذُ مطلع السنة». وأضاف: «على رغم وفرة العرض، لم تتأثّر الأسعار وهي آخذة في الارتفاع منذ نهاية كانون الثاني، أملاً برضوخ المنتجين الرئيسين للنفط إلى اتفاق تجميد الإنتاج، الذي من المقرر عقد اجتماع في شأنه منتصف نيسان (أبريل) المقبل، كما أن هنالك عنصرين أساسيين يدفعان المستثمرين إلى التفاؤل الشديد باتفاق تجميد الإنتاج». ولفت إلى أن «العنصر الأول هو احتمال عدم حدوث الاتفاق، إذ تواصل السعودية زيادة حصتها في السوق بهدف إلحاق الخسائر بمنتجي النفط المكلِف في الولاياتالمتحدة والذين يمثلون المصدر الرئيس لتخمة العرض، ولكنها لم تحقّق هدفها بعد». وعلى رغم أن صادرات النفط بدأت في الانخفاض في الولاياتالمتحدة، إلاّ أن الإنتاج لا يزال مرتفعاً نسبياً، كما من غير الواضح ما إذا كانت السعودية ستوافق على إعفاء منافسها الإقليمي الإيراني. وأضاف العقاد: «العنصر الثاني يتمثل في أن أثر الاتفاق، في حال أقرّ، سيكون محدوداً، إذ إن الدول المعنية تنتج بمستوياتٍ قياسية، باستثناء ليبيا وإيران اللتين من غير المرجّح انضمامها، وسبق أن أعلنت إيران عدم نيتها وقف إنتاجها حتى يبلغ 4 ملايين برميل يومياً، والذي يُرجّح أن يحصل عام 2017، بينما سترفع إنتاجها خلال العام الحالي الى ما بين 3.1 و3.8 مليون برميل يومياً». ولفت إلى أن «صناعة النفط الصخري الأميركي أظهرت مرونة عالية في وجه هبوط الأسعار، انعكست استجابة سريعة للتقلبات، وبذلك فإن وفرة العرض ستستغرق وقتاً طويلاً حتى تزول». وأشارت توقعات «أوبك» إلى نمو الاقتصاد العالمي 0.2 في المئة إضافية، وارتفاع الطلب على النفط 1.3 في المئة على أساس سنوي خلال العام الحالي. ورأى عقاد أن «هذه التوقعات مبالغٌ فيها جداً، إذ يتوقّع تراجع نمو الاقتصاد العالمي 0.3 في المئة وارتفاع الطلب على النفط 0.8 في المئة على أساس سنوي، في ظل استقرار النمو في أوروبا واليابان والولاياتالمتحدة والصين، إضافة إلى تباطؤ معظم الأسواق الناشئة». وفي ما خصّ العرض، توقّع «زيادة الإنتاج الإيراني، واستقرار إنتاج بقية دول أوبك عند مستويات كانون الثاني، بغض النظر عمّا إذا كان اتفاق تجميد الإنتاج سينجح أم لا، وهبوط إنتاج الدول غير الأعضاء في أوبك تماشياً مع توقّع أوبك بالتراجع بمقدار 700 ألف برميل يومياً». وختم: «عند أخذ كل هذه العوامل في الاعتبار، فإنّ وفرة العرض ستستمر متجاوزةً الطلب خلال العام الحالي بمقدار مليوني برميل يومياً، وبالإنتاجية ذاتها التي بلغ عندها متوسط سعر خام برنت نحو 50 دولاراً للبرميل العام الماضي». وفي المقابل، قد تتراجع أسعار النفط إلى ما دون التوقعات الأساس، نتيجة للتطور التكنولوجي السريع في صناعة النفط الصخري في شكل أقوى من الإنتاج الإيراني المتوقع، وأضعف من الطلب العالمي المتوقع، ما سيؤدي إلى خيبة أمل كبيرة في السوق في شأن اتفاق النفط.