«خطر غياب المحتوى العربي العلمي والراقي عن الإنترنت، ورفض الخروج من المعركة الثقافية العالمية بهزيمة مدوّية» دفعا مجموعة من الشباب السوري لإنشاء مجموعة «ويكي سورية» wiki Syria، بحسب كلمات ندى البني التي أشرفت على إطلاق هذه المجموعة. وأخيراً، دخلت «ويكي سورية» في مبادرة تعاون مع موقع «موسوعة المعرفة»، فصارت من أبرز مصادرها للمقالات العلمية المكتوبة باللغة العربية. تقول البني أن «ويكي سورية» هي مجموعة بريدية تجمع حوالى 150 شخصاً مهتمين بالنشر ضمن الموسوعات، وتعمل على تهيئة أفراد قادرين على نشر مقالات موسوعية موثوقة وشاملة وحيادية، مشيرة إلى أن طريقة «الويكي» تعني أن القرّاء هم الذين يحرّرون المقالات، في محاولة لضمان الحيادية، والوصول إلى معلومات متفق عليها. وتشير الإحصائيات إلى أن الموسوعة الشعبية المجانية «ويكيبيديا» Wikipedia تنافس في دقتها موسوعة «إنكارتا» التي كانت تصدرها شركة مايكروسوفت العملاقة، بالطريقة التقليدية المعتمدة على دفع أجرة للمؤلف لقاء النص الذي يكتبه ويحرره. وتعود أسبقية سورية في نشر المقالات العلمية باللغة العربية على موقع «موسوعة المعرفة»، لانفرادها عربياً بتدريس علوم الصيدلة والطب بلغة الضاد في جامعاتها. ويؤكد الدكتور نائل الشافعي، صاحب «موسوعة المعرفة» ومؤسسها، ما ذهبت إليه البني، قائلاً: «نشر أعضاء «ويكي سورية» في «موسوعة المعرفة» مقالات عن علم الصيدلة، تنشر باللغة العربية للمرة الأولى». منذ بدأت مجموعة «ويكي سورية» بالمشاركة في هذه الموسوعة، نشرت أكثر من 150 مقالة أغلبها في علم الصيدلة. وفي لقاء مع «الحياة»، صرح الصيدلاني بشار الجمّال، المشرف على طلاّب الصيدلة في «ويكي سورية»: «اخترت الكتابة الإلكترونية لأنها أوسع انتشاراً وأقل تكاليف، وعندما طلبت ندى مني ومجموعة من طلاب الصيدلة المهتمين بالنشر الإلكتروني، الانضمام ل «ويكي سورية» وافقت فوراً». وعن سبب تحوّله من النشر في الموسوعة الحُرّة الأشهر «ويكيبيديا» إلى «موسوعة المعرفة»، أشار الجمّال إلى أن «ويكيبيديا» مجهولة التوّجه، لا يُعرف من المسؤول عنها ولا من يقرر مصير المعلومات، وفي كثير من الأحيان تحذف المقالات من دون تبرير، إضافة إلى أن موقع «ويكيبيديا» محجوب في سورية. موسوعة حُرّة بهيئة تحرير محترفة «موسوعة حرة لصنع محتوى عربي وجمعه، عِبر إنشاء موسوعة دقيقة، متكاملة، متنوعة، مفتوحة، محايدة ومجانية، وكذلك يستطيع الجميع المساهمة في تحريرها، بالكتابة أو بالاقتباس من مصادر تُرخّص النقل». بهذه الكلمات تعرف «موسوعة المعرفة» عن نفسها على موقعها الإلكتروني «معرفة. أورغ» marefa.org. تأسست «موسوعة المعرفة» الإلكترونية في 2007. ونُشر فيها 75 ألف مقالة، و35 ألف كتاب، و2.5 مليون صفحة مخطوطة، كما وصل عدد متصفحيها شهرياً الى 1.5 مليون شخص. ويشير الشافعي إلى أن هذه الموسوعة لها هيئة إدارية مؤلفة من سبعة أعضاء من اختصاصات مختلفة، تعمل على مراجعة المقالات وتحريرها. وتتميّز «موسوعة المعرفة» بأنها تضع أسم المؤلف الرئيسي على المقال بخلاف الموسوعات الأخرى. وعندما يكون الكاتب من مجموعة «ويكي سورية»، توضع وصلة في اسمه، توصل القارئ إلى مجموعة المقالات التي كتبها أو عدّل فيها. وقد شكّل هذا الأمر «حافزاً إضافياً لمجموعة ويكي سورية لاختيار موسوعة المعرفة» كما تقول البني. وتحدّث الشافعي عن بداية التعاون بين الموسوعة ومجموعة «ويكي سورية»، فقال: «وصلت إلى «موسوعة المعرفة» رسالة من صبية اسمها ندى، تعرض مشروعاً للكتابة التشاركية العلمية ينهض به مجموعة شباب سورية... عرضنا عليهم أن نعطيهم موقعاً أو نتشارك قاعدة البيانات، أو أن يصبحوا جزءاً من «موسوعة المعرفة». ومالوا الى الخيار الأخير». وندى البني أستاذة في كلية المعلوماتية في جامعة دمشق بدأت بتشجيع طلاّبها على كتابة المقالات الموسوعية منذ عام 2008. وراهناً، تجمع «ويكي سورية» محاضرات علمية، كما تعقد ورش تدريب على تقنية ال «ويكي». وتتواصل «ويكي سورية» مع جمعية «أصدقاء الفلك» و «جمعية الكيمياء» لتأهيل كوادر قادرة على نشر المحتوى العلمي الكبير المتوافر لدى الجمعيتين على موقع «موسوعة المعرفة». تأمل البني بأن تستطيع «ويكي سورية» نشر ثقافة العطاء معرفياً ومعلوماتياً بين السوريين، وإعطاءهم الأدوات الضرورية لتحقيق ذلك. وكذلك تبيّن أن العطاء مرتبط بفكرة النقود، ولكن لم تتعوّد العقول عربياً بعد على ربط فكرة العطاء بالمعلومات العلمية الدقيقة للمحتاجين لها.