في موازاة الموقع المالي والمصرفي الرائد عالمياً الذي تتمتع به سويسرا، تحسب المصارف المركزية حول العالم لها ألف حساب قبل اتخاذ أي قرار مهم. وإلى جانب سويسرا، يُحسب حساب الولاياتالمتحدةوبريطانيا والنروج واليابان. وما يجمع بين المصارف المركزية لهذه الدول اليوم هو المعدلات الضعيفة للتضخم، خصوصاً أن التضخم انقلب تدهوراً في سويسرا بسبب التراجع الكبير لأسعار التجزئة. على صعيد الولاياتالمتحدة، رفع المصرف المركزي الأميركي نسبة الفائدة 0.5 في المئة نهاية العام الماضي، ويستبعد المستثمرون الدوليون أن تواصل نسبة الفائدة ارتفاعها نظراً إلى تقلبات الأسواق المالية وضعف الطلب العالمي على السلع الاستهلاكية. وعلى رغم ذلك، لا يبدي المسؤولون في مجلس الاحتياط الفيديرالي الأميركي أي خوف من الأحداث الاقتصادية الدولية. إذ كلما تقلصت البطالة، ازداد التضخم المالي بدعم من القوة الشرائية للمستهلكين. وتشهد سويسرا تراجعاً في الناتج القومي نسبته 0.4 في المئة، وهذه إشارة غير مشجعة حتى لو كان الدين الوطني العام والخاص لا يشكل أكثر من 50 في المئة من هذا الناتج. علماً أن الدين الوطني في دول مجاورة مثل إيطاليا يمثل 250 في المئة من الناتج القومي. ولا يتوقع المحللون الماليون، تغييرات جذرية في قرارات المصرف المركزي السويسري في برن، ومع أن تدهور أسعار السلع الاستهلاكية محلياً بدأ يلفت الأنظار، تملك برن الصلاحيات للسيطرة عليه. ومع ذلك، يخشى الخبراء في المصرف المركزي السويسري أن يتحول الفرنك مجدداً إلى ملجأ أمان لدى كل مَن يخشى خروج بريطانيا من منطقة اليورو، وهذه ظاهرة متوقعة معروفة تقنياً باسم «بريكسيت». وهكذا، سيتحول الفرنك السويسري إلى قوة دولية جبارة ستولد بلبلة قاسية في صفوف المستهلكين والمستثمرين. على مستوى بريطانيا، يعجز المصرف المركزي عن رفع نسبة الفائدة، حتى لو كانت خططه سباقة في هذا المجال أمام مجلس الاحتياط الفيديرالي الأميركي. إذ تتغير الأحوال الاقتصادية البريطانية باستمرار، وربما يؤول أي قرار برفع فائدة إلى تراجع الاقتصاد البريطاني. وفي حال قررت حكومة لندن الخروج من الاتحاد الأوروبي، فهناك احتمال لحدوث عدم استقرار مالي سيستمر أشهراً. وأشار الخبراء في «نورجس بنك» أي المركزي النروجي إلى أن انهيار أسعار النفط ولد فراغاً في البنى التحتية للاقتصاد. ومع أن الحلول لا تزال غير واضحة، عمد المصرف المركزي إلى قطع نسبة الفائدة من 0.75 إلى 0.50 في المئة. وهكذا، نستنتج أن رفع نسب الفائدة ليس أمراً سهلاً كما كان متوقعاً له، إذ وفق تحليلات الخبراء الاقتصاديين في جامعة لوزان»، هو نقمة ذات وزن فوري سلبي في الأسواق المحلية.