في الوقت الذي تأخذ فيه قضية الظلم الذي تتعرض له المرأة المطلّقة الاهتمام الإعلامي والاجتماعي الأكبر، يتناسى الكثير أن للرجال المطلقين حقوقاً ومظلمات يتعرضون لها. ولا تبدو قصة أبي عبدالله فريدة من نوعها في هذا الإطار، فهو محروم من مشاهدة ابنه الوحيد منذ أكثر من خمسة أعوام، لسبب أنه طلق زوجته في السنة الأولى من زواجهما. ويصف أبو عبدالله ل «الحياة» معاناته بأنها رهيبة، «وليس أقصى من عذاب منع الأب من رؤية أبنائه إلا سكرات الموت!». وأرجع أبو عبدالله سبب «نقمة» والد طليقته إلى أنه طلقها بعد ستة أشهر من زواجهما، مضيفاً: «تزوجنا بالطريقة التقليدية ولم أشاهد طليقتي إلا في ليلة الدخلة». وزاد: «كان واضحاً من اللقاء الأول بأن زواجنا محكوم عليه بالفشل، فلم يحصل توافق أو انسجام أو حتى اتفاق في المسائل الرئيسية للزواج». وذكر أن طليقته ذهبت إلى منزل أهلها بعد شهرين مطالبة بطلاقها، مشيراً إلى أنه حاول أكثر من مرة إرجاعها والتفاهم معها، لكن «والدها كان غاضباً من لجوء ابنته إليهم، ما جعله يخاطبني بجفاء وقسوة وحملني سبب فشل زواجنا». وكشف أبو عبدالله أن والد طليقته حين علم بأن ابنته حامل أراد استخدام هذه الورقة للضغط عليه من أجل «إذلاله»، وقال: «هددني والد طليقتي بأنه سيمنعني من رؤية ولدي إذا لم ألبي مطالب ابنته». وأضاف: «كانت مطالبهم تعسفية وغير معقولة، مثل كتابة مؤخر طلاق بمبلغ مليون ريال، وبأنهم سيمنعونني من مشاهدة ابني»، كما لفت إلى أنه طلق زوجته بعد ستة أشهر من زواجهما، من دون أن يرضخ لمطالب أهل طليقته، ولم يكن يصدق أن والد طليقته سينفذ تهديده بمنعه من مشاهدة ابنه طوال خمسة أعوام منذ انفصاله عن طليقته. ويتذكر أبو عبدالله «عذابات» السنوات الخمس التي قضاها من دون مشاهدة ابنه، «طردني والد طليقتي أكثر من مرة من أمام منزله، ومنعني من مشاهدة ابني، حتى أنه تطاول على أحد أقاربي من كبار السن حين أراد التوسط من أجل أن أشاهد ولدي». وأضاف: «كنت في بعض الأيام أنتظر متخفياً أمام منزل طليقتي من أجل أن ألقي نظرة خاطفة على ابني!». ويصف هذه اللحظات بأنها «قاسية» وفوق قدرة البشر على التحمل، وقال: «تخيل أن تظل محروماً من مشاهدة ابنك طوال خمسة أعوام بسبب أنك تجرأت وطلقت ابنة أحدهم المدللة والتي لا يُرفض لها طلب!». وزاد: «في سبيل أن يذلني والدها أكثر فهو رفض أكثر من عريس تقدموا إلى طليقتي، حتى لا أتمكن من استعادة ولدي». وبيّن أبو عبدالله أنه لم يلجأ إلى الجهات القضائية والحقوقية من أجل رؤية ابنه، احتراماً لصلة القرابة بينه وبين والد طليقته، وأملاً بأن تزيل السنوات الطويلة «أحقاد» والدها. ويرى أبو عبدالله أن معاناة الرجل المطلق لا تقف عند هذا الحد، «كثيراً من الأسر ترفض تزويج الرجل المطلق، باعتباره صاحب «سوابق» فاشلة في الزواج!». وعلى غرار موقع الدفاع عن حقوق النساء المطلقات يفكر أبو عبدالله بإنشاء موقع إلكتروني للدفاع عن حقوق الرجال المطلقين وإظهار معاناتهم وآلامهم. من جانبه، اعتبر رئيس الجمعية السعودية لعلم الاجتماع والخدمة الاجتماعية الدكتور عبدالرزاق الزهراني، الأسرة بأنها كيان اجتماعي عضوي، مكون من الزوج والزوجة والأولاد والسكن. وقال ل «الحياة» إن جميع أركان هذا الكيان يتأثر بالطلاق، «ومثلما هناك أسر ترفض اقتران أبنائها بالنساء المطلقات هناك أسر أخرى ترفض تزويج بناتها برجال مطلقين. وأضاف إن بعض الأسر تتخوف من تكرار التجربة «الفاشلة» للرجل المطلق في زواجه الأول مع ابنتهم، إضافة إلى أن بعض الفتيات يرفضن أن يتحملن تربية أبناء الرجال المطلقين من نساء أخريات. وكشف الزهراني عن مشروع دورات مكثفة تقدمت به الجمعية إلى وزارة التعليم العالي من أجل، «توعية الشبان والشابات المقبلين على الزواج بالطرق الفعالة لبناء أسرة سعيدة وتجنيبها كل ما يعكر صفوها».