يدخل حزب «الوفد» الليبرالي المعارض، الذي انتخب مساء أول من أمس قيادة جديدة، رحاب منعطف جديد يحاول من خلاله تحديد موقعه في خضم حراك سياسي لم يعهده المشهد السياسي المصري من سنوات طويلة، خصوصا أن البلاد على أبواب موسم انتخابي ملتهب يبلغ ذروته بالاستحقاق الرئاسي المقرر العام المقبل. وأعلن مساء أول من أمس فوز الدكتور السيد البدوي برئاسة أكبر وأعرق أحزاب المعارضة المصرية بعدما أطاح رئيس الحزب الدكتور محمود أباظة. ووصف مراقبون الخطوة ب «الحضارية» خصوصا بعدما خرج المتنافسان على مقعد الزعامة (البدوي وأباظة) متعانقين. وأعادت الانتخابات «الوفد» إلى بؤرة الاهتمام السياسي والشعبي بعد تواريه مدة طويلة عن الأنظار نتيجة خلافات داخلية واتهامات بمهادنة السلطة. ومن المفترض أن يسعى الحزب إلى استغلال الزخم الإعلامي الذي صاحب الأيام التي سبقت الانتخابات في محاولة لإستعادة ثقة المصريين والعودة إلى المشهد السياسي في البلاد. ولن تكون انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى التي تلتئم الثلثاء المقبل بمثابة امتحان لقدرات الرئيس الجديد ل «الوفد»، إذ أن الاستعداد للانتخابات واختيار المرشحين تمّا في عهد سلفه أباظة، لكن البدوي سيكون عليه مواجهة اختبارات ومحكات جسام يأتي في طليعتها انتخابات مجلس الشعب (الغرفة العليا في البرلمان) التي ستجري في الشهور الأخيرة من هذه السنة. ويُفترض أن يبدأ البدوي الاستعداد لانتخابات مجلس الشعب خلال الأسابيع المقبلة عقب ترتيب «البيت الوفدي» من الداخل. كما سيكون على البدوي تحديد طريقة تعامله مع التحركات التي يجريها المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي ومطالبته بإجراء تعديلات سياسية في البلاد تؤمن «ديموقراطية سليمة». وكان أباظة رفض في شدة التعاطي مع أفكار البرادعي، كما سعى إلى مواجهة عدد من الأفكار التي خرجت من داخل «الوفد» في شأن ترشح البرادعي في الانتخابات الرئاسية تحت لافتة «الوفد»، وهو الأمر الذي تزامن مع معلومات متواترة في شأن صفقة أجراها الحزب مع الحزب «الوطني» الحاكم يتم بقتضاها السماح لعدد من أعضاء «الوفد» بدخول مجلسي الشورى والشعب في مقابل عدم التعاطي مع البرادعي. وعزز فوز سيد البدوي، رجل الأعمال وصاحب قنوات الحياة، بمنصب رئاسة «الوفد» فرضية «الأدوار» التي بات يلعبها «رجال المال في عالم السياسة». وطُرحت تلك الفرضية بقوة في أعقاب سيطرة عدد من رجال الأعمال على دوائر صناعة القرار في الحزب الوطني الحاكم، وهو ما أثار موجة من الانتقادات في شأن «سعي رجال المال والأعمال إلى الدخول في بؤرة الاهتمام ومن ثمة تحقيق مصالح شخصية من دون النظر إلى القضايا الجماهيرية». وأعلنت اللجنة المشرفة على انتخابات الحزب فوز الدكتور سيد البدوي برئاسة «الوفد» بعد تغلبه بفارق 209 أصوات فقط على محمود أباظة رئيس الحزب في الانتخابات التي أجريت الجمعة. وحصل البدوي على 839 صوتاً فيما حصل أباظة على 630 صوتاً. وخرج البدوي فى مشهد هو الأول في تاريخ الأحزاب المصرية متعانقاً مع أباظة، وأمسك الإثنان بالأيدي فيما ظل أنصارهما يرددون الهتافات المؤيدة ل «الوفد».