غرقت مدينة لاهور شرق باكستان بالدماء بعد هجومين شنهما مسلحون مجهولون يرتدون احزمة ناسفة على مسجدين يرتادهما أبناء أقلية «الاحمدية» خلال صلاة الجمعة أمس، ما أسفر عن سقوط 70 قتيلاً على الأقل وعشرات الجرحى. تزامن ذلك مع جدل عميق في الأوساط السياسية والعسكرية حول عملية واسعة تطلب الولاياتالمتحدة تنفيذها في إقليم شمال وزيرستان القبلي (شمال غرب)، ما يوتر الأوضاع الأمنية الداخلية في البلاد ويزيد تدهورها. وبدأ المسلحون الهجوم بإطلاق النار على مشاركين في صلاة الجمعة في مسجدي غاري شاهو ومودل تاون، ثم فجر أحدهم حزاماً ناسفاً وألقى آخرون قنابل يدوية واحتجزوا رهائن. واندلعت معارك استمرت ساعات بين المسلحين والشرطة التي سيطرت على مسجد مودل تاون، واعتقلت اثنين على الأقل من المهاجمين أحدهم مراهق بشتوني، ما يشير الى علاقة المسلحين بوزيرستان وحركة «طالبان». وكانت مدينة لاهور شهدت عدداً من الهجمات الدامية سابقاً، لكنها تركزت على مقار أجهزة الأمن والاستخبارات، فيما تراجعت عمليات العنف الطائفي في البلاد في شكل كبير خلال العامين الماضيين. ولم يسبق ل «طالبان» تنفيذ عمليات عنف طائفية سواء ضد الشيعة أو باقي الطوائف، والتي نسبت غالبيتها إلى جماعة «عسكر جنقوي» المنشقة عن تنظيمي «جند الصحابة» السني و «جند محمد» الشيعي. وبادر مراقبون الى التكهن بأن الاعتداء في لاهور، يهدف الى جر إسلام آباد إلى مواجهة جديدة مع الجماعات المسلحة. وذكّر الدكتور شاه ولي مدير مركز دراسات منطقة القبائل، بالهجوم الذي استهدف القيادة العامة للجيش في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وأجبرها على إطلاق حملة واسعة في جنوب وزيرستان، وذلك بعد شهور طويلة من المماطلة وعدم الاستجابة للضغوط الأميركية في هذا المجال. وأضاف أن «حكومة البنجاب (شرق) حاولت النأي بنفسها عن المشاركة في الحرب على الجماعات المسلحة، لكن سقوط عدد كبير من القتلى في الهجومين الحاليين يمكن ان يدفعها على غرار الجيش إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد ما يسمى ب «طالبان البنجاب» التي أكدت أجهزة الأمن تزايد نشاطها جنوبالإقليم وتنفيذها عروضاً عسكرية في مدينة ديرة غازي خان القريبة من جنوب وزيرستان. على صعيد آخر، أعلن الجيش مقتل 80 مسلحاً على الأقل وجرح 60 آخرين في هجوم شنته قواته على مخابئ لمتمردي «طالبان» في منطقة اوراكزاي القبلية (شمال غرب). وأشار الى تدمير 8 مخابئ و15 عربة لنقل متفجرات استخدمها المتمردون. وباشر الجيش حملته في اوراكزاي منذ نحو شهرين، ويقول إن قواته قتلت أكثر من ألف مسلح على الأقل ودمرت أكثر من 100 مخبأ. الى ذلك، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن المقرر الخاص لشؤون الاعدامات خارج نطاق القانون في الأممالمتحدة فيليب ألستون، أنه سيقدم الى مجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة الدولية في جنيف في الثالث من حزيران (يونيو) المقبل، تقريراً يدعو الى وقف الغارات الجوية التي تنفذها طائرات استطلاع من دون طيار تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي اي أي) ضد مشبوهين بانتمائهم الى تنظيم «القاعدة»، ما يمكن ان يربك الاعتماد الأميركي المتنامي على هذا التكتيك العسكري.