على رغم التراجع الكبير في معدل التضخم في السعودية، فإن هناك العديد من المستهلكين يشتكون من عدم انعكاس ذلك على الأسعار بالايجاب عليهم، مشيرين إلى أن سلعاً كثيرة واصلت ارتفاعها. وعزا اقتصاديون تحدثوا ل«الحياة» استمرار ارتفاع اسعار السلع في المملكة على رغم تراجع معدل التضخم بمعدلات عالية أخيراً إلى الآلية التي يتم من خلالها قياس مستوى التضخم، إذ يتم قياس معدل التضخم بناءً على حجم السلع الأساسية فقط. وهبط معدل التضخم السنوي في السعودية إلى 6 في المئة في آذار (مارس) الماضي، نتيجة لتباطؤ نمو أسعار المواد الغذائية وتراجع الطلب المحلي مع تباطؤ الاقتصاد العالمي. وبلغ التضخم في السعودية ذروته عند أكثر من 11 في المئة في تموز (يوليو) 2008، وهو الشهر نفسه الذي وصلت فيه أسعار النفط الى مستوى قياسي عند 147 دولاراً للبرميل، وهوت أسعار النفط منذ ذلك الحين الى نحو ثلث هذا المستوى مع تأثر الطلب بالازمة المالية العالمية ودخول الاقتصادات الكبرى في ركود. وقال الاكاديمي الاقتصادي الدكتور خالد الخثلان إنه من المعروف أن قياس معدل التضخم يتم من خلال قياس معدل السلع الأساسية مثل الرز والسكر والحديد والأسمنت والبلوك، وهذه السلع شهدت أخيراً انخفاضاً كبيراً في معظمها. وبين أن آثار الأزمة العالمية بدأت في الانحسار على رغم أننا في المملكة بحاجة إلى وقت طويل حتى تتضح الرؤية، خصوصاً أن المملكة لم تتأثر بشكل كبير من هذه الأزمة، وتوقع استمرار أسعار عدد من السلع على وضعها الحالي لفترة طويلة، «ولن نشهد تراجعاً سريعاً لتلك الأسعار في الوقت القريب». من جهته، قال الاكاديمي الاقتصادي الدكتور محمد بن هذلول الهذلول إن انخفاض أسعار السلع الأساسية يؤثر في قياس حجم التضخم، وهذا ما لاحظناه في تراجع أسعار عدد من السلع الأساسية والتي تتمتع بوزن مرتفع في السوق السعودية. ورجح الهذلول أن تتراجع الأسعار بشكل جيد إذا بدأت الآثار الايجابية للمشاريع التوسعية للاقتصاد العالمي تؤتي ثمارها، ما سيسهم في تراجع التضخم بشكل أكبر مما هو معلن. ويقول رئيس مركز الدراسات الآسيوية في المعهد الديبلوماسي في وزارة الخارجية الدكتور رجا المرزوقي إن تراجع التضخم يرجع الى انخفاض اسعار السلع الأساسية على رغم أن هناك بعض السلع ما زالت أسعارها مرتفعة، في الوقت الذي تشهد فيه أسعار الاسكان والإيجارات ومواد البناء والاتصالات وغيرها تراجعاً جيداً أسهم في انخفاض معدل التضخم. وأكد ان الضغوط التي تشهدها الاقتصادات العالمية ستؤدي الى تراجع الأسعار العالمية بشكل كبير، ما ينعكس ايجابياً على الأسواق الأخرى ومنها المملكة. وكان عضو جمعية الاقتصاد السعودية المصرفي محمد العمران، قال ل «الحياة» إن الاعلان عن تراجع حجم التضخم في المملكة على رغم عدم هبوط أسعار السلع الاستهلاكية فيها يعود الى المعايير التي يتم من خلالها قياس حجم التضخم، إذ تعتبر قديمة وبحاجة الى إعادة النظر فيها، خصوصاً أنه مضى سنوات عدة لم يتم تطوير تلك المعايير او تغييرها بما يتوافق مع معطيات العصر الحاضر. وبين أن المستهلك أصبح واعياً، ولكي يقتنع بأن حجم التضخم متراجع يجب ان يكون لمفتشي الأسواق التابعين لوزارة التجارة دور كبير في الرقابة على مختلف السلع وقياس حركتها بشكل دقيق، إضافة الى ضرورة زيادة عددهم، خصوصاً أن المعلومات والإحصاءات تؤكد أن عددهم لا يتجاوز 12 مفتشاً على مستوى مدينة الرياض. ولفت إلى أنه من الضروري اعطاء السوق والتجار في الوقت الحاضر فترة لتصريف ما لديهم من مخزون تم شراؤه بأسعار مرتفعة لمعرفة مدى تراجع حجم التضخم، ومعرفة هل هناك تلاعب واستغلال للسوق، وهو ما يجعل عملية قياس حجم التضخم غير دقيقة وغير صحيحة.