أثارت تفجيرات بروكسيل أمس (الثلثاء) موجة أسئلة بين الأوروبيين، والبلجيكيين على وجه الخصوص، حول الاحترازات الأمنية التي تُتهم ب«الضعف» في التصدي للأعمال الإرهابية، ولم يتوان مسؤولون سياسيون في أوروبا وخارجها عن التشكيك في جدواها. وحذرت دول عدة مواطنيها من السفر إلى أوروبا، بعد التفجيرات، إذ حذرت وزارة الخارجية الأميركية رعايها من وجود «مخاطر محتملة اذا رغبوا في السفر إلى أوروبا أو عبرها». وقالت الوزارة في بيان إن «مجموعات إرهابية لا تزال تخطط لهجمات في الأمد المتوسط عبر أوروبا مستهدفة مناسبات رياضية ومواقع سياحية ومطاعم ووسائل النقل». ومن المتوقع ان تلقي هذه التحذيرات بظلال على مناسبات عدة ستشهدها أوروبا، فوزارة الخارجية الأميركية قالت إن هذا التحذير يبقى سارياً حتى 20 حزيران (يونيو) أي حتى ما بعد بدء كأس أمم أوروبا لكرة القدم لعام 2016. وقال رئيس الوزراء الاسترالي مالكولم ترنبول اليوم (الأربعاء) إن «أوروبا سمحت بافلات الأمن منها»، مشككاً في اتفاق «شينغين» والتنقل الحر. واعترف بأنه يعود إلى الاتحاد الأوروبي أمر تحديد القواعد الخاصة به، مؤكداً أن الإجراءات الاسترالية لحماية الحدود وضمان الأمن الداخلي «أقوى بكثير من تلك المطبقة في أوروبا التي سمحت بإفلات الأمن منها». وأضاف ترنبول إلى الإذاعة الاسترالية أن «هذا الضعف في الإجراءات الأمنية في أوروبا ليس غريباً عن المشاكل التي شهدتها أخيراً». وتابع أن منطقة «شينغين» للتنقل الحر التي تضم 26 بلداً، بينها 22 من أعضاء الاتحاد الأوروبي، تعني أن «الناس يمكنهم التنقل بحرية في أوروبا، ما يطرح تحديات في مجال الأمن، إلى جانب الحدود الخارجية الهشة جداً، كما رأينا في امثلة عدة»، محذراً من أن لهذه الاجراءات «عواقب في مجال الأمن». وفي فرنسا، دعا رئيس الوزراء مانويل فالس اليوم (الأربعاء) إلى «تعزيز مراقبة الحدود الخارجية» للاتحاد الأوروبي. ورأى أن فرنسا «غضت النظر» عن «الأفكار المتطرفة». وقال فالس إلى إذاعة «اوروبا-1» إن «تبني مشروع الوثيقة الأوروبية للمعطيات الشخصية للمسافرين جواً أمر ملح، وتعزيز الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي أمر ملح. أنها المقترحات الفرنسية منذ أشهر». وأضاف «من الملح أيضاً ألا يتمكن أي شخص من المرور بوثائق مزورة، لأننا نعرف أن داعش سرق كميات كبيرة من جوازات السفر في سورية. وهذا يفرض أن يتم التدقيق في المعلومات ومقاطعتها». وتابع فالس انه يجب التقدم «في مجمل الوسائل لمكافحة الإرهاب»، لأنه باعتداءات بروكسيل «هوجمت أوروبا لأنها أوروبا. لذلك يجب أن يكون الرد أوروبياً». ورأى أيضا أنه «في جميع أنحاء أوروبا لم يؤخذ تقدم الأفكار المتطرفة» في الاعتبار. وأضاف «قمنا بغض النظر في كل مكان وفي فرنسا أيضاً، عن انتشار الافكار المتطرفة». وكان فالس يرد على سؤال عن تصريحات لوزير المال الفرنسي ميشال سابان الذي دان «سذاجة» السلطات البلجيكية في مواجهة التطرف. ويجتمع وزراء الاتحاد الأوروبي بطلب من بلجيكا، لمناقشة الهجمات الانتحارية أمس. وقال وزير العدل الهولندي آرد فان دير ستير في تغريدة على حسابه في «تويتر»: «إن الاجتماع قد يعقد صباح يوم غد (الخميس). وستنظم الاجتماع هولندا التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي». وشددت دول عدة إجراءات الأمن في المطارات، أو أخضعتها للمراجعة بعد انفجار بروكسيل، وتم تشديد الأمن في المطارات في أنحاء آسيا اليوم. في ما قالت كوريا الجنوبية، واليابان، وإندونيسيا، وتايلاند، والهند إنها تنشر مزيداً من القوات. وذكر مسؤولون من أنحاء المنطقة أنه تم اتخاذ إجراءات جديدة من بينها زيادة عمليات التفتيش التي يخضع لها المسافرون وزيادة الدوريات داخل مباني المطارات. أما السلطات في لندن، وباريس، وفرانكفورت فردت على الهجمات بزيادة عدد جنود الشرطة في دوريات المطارات ومحطات النقل. وسارعت شركات الطيران إلى تحويل الرحلات المتجهة إلى مطار بروكسيل بعد أن أعلن أنه سيظل مغلقاً اليوم. وفي الولاياتالمتحدة وُضعت كبرى المدن الأميركية في حال تأهب قصوى وصدرت أوامر إلى الحرس الوطني بتعزيز الأمن في مطاري نيويورك. وتراجع وكالة تابعة للأمم المتحدة أمن المطارات بعد إسقاط طائرة روسية في مصر بقنبلة في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، واعلان «داعش» المسؤولية عن تهريب القنبلة إلى الطائرة.