بعد أن استكمل سنوات نموه الثلاث ليصل إلى 15 في المئة بحسب قرار مجلس الوزراء المنظّم لصرفه، فإنه حانت ساعة المطالبة بتحويل بدل الغلاء ليكون جزءاً من الراتب الأساسي. وليس أنسب من هذا التوقيت لتحويله، والأسباب الداعية إلى ذلك عدة ألخص بعضها في ما يأتي: أولاً: كونه بدل غلاء معيشة يكفي لاستمرار صرفه، فالأسعار في ازدياد، ورقم التضخم ما إن يغفو شهراً حتى يعاود الاستيقاظ لشهور متتابعة (ارتفع في نيسان (أبريل) إلى 4.9 في المئة، مقارنة ب 4.7 في آذار (مارس)، و4.6 في شباط (فبراير)، و4.1 في المئة في كانون الثاني (يناير)، وهذا معناه أن الأسعار عادت للتزايد، ولا ينتظر أن تعود أسعار البيبسي لريال، وقشطة «التاج» لريال ونصف الريال، وطبق البيض لسبعة ريالات، وبالتأكيد لن تعود أسعار السيارة «الكورولا» إلى 15 ألف ريال، وبالتالي فإن أي حديث عن إلغاء هذا البدل لن يكون مناسباً، فالأسعار طبيعتها التزايد لا الانخفاض، وهذا البدل غير قابل للإلغاء ولا الخفض بتاتاً. ثانياً: إن تحويل هذا البدل ليكون جزءاً من الراتب الأساسي هو قرار بلا كلفة، فالبدل يتم صرفه من خزانة الدولة شهرياً، والكلفة البسيطة التي لا تكاد تذكر هي أن الدولة ستدفع نسبة 9 في المئة من هذا البدل لمؤسسة التقاعد. ثالثاً: إن هذا القرار سهل وجاهز للتنفيذ، ولا يحتاج لدرس «شورى» ولا لجان «بيروقراطية»، ولا خبرة «مستشارين»، ولا اجتماعات، وكل ما يحتاجه قرار لتحويل مسماه، وإعادة حساب سلم الرواتب بعد إضافته. رابعاً: إن مستوى الرواتب في السعودية منخفض مقارنة بدول الجوار، خصوصاًَ قطر والإمارات والكويت، وحتى مع زيادة 15 في المئة السابقة قبل خمسة أعوام، إلا أنه بقي منخفضاً لأن الزيادات في دول الجوار وصلت حينها إلى 50 في المئة وأكثر. خامساً: إن صرفه في هذا التوقيت سيكون عاملاً جيداً لتمكين الموظفين من امتلاك مساكن، لاسيما والرهن العقاري على الأبواب وجاهز للإعلان، وحينما يضاف هذا البدل إلى الراتب الأساسي فإنه سيُمكن الموظفين من الحصول على قروض أعلى لارتفاع رواتبهم بهذه النسبة، ولكن مع بقائه بدلاً بشكله الحالي فلا يمكن الاستفادة منه لزيادة مبلغ القرض السكني، فالمصارف تستبعد هذا البدل، وتقرض العميل بناءً على استيفاء ثلث راتبه الأساسي من دون هذا البدل، وهو ما لن يمكن كثيراً من الموظفين من امتلاك السكن نتيجة غلاء الأسعار وضعف مستوى الرواتب الحالي. سادساً: إن تحويل هذا البدل إلى راتب سيزيد من الراتب التقاعدي للموظف بالنسبة نفسها، وما سيتحمله الموظف ليس أكثر من 9 في المئة من هذا البدل يدفعه لمؤسسة التقاعد، ولكنه ادخار مضمون سيجد نفعه الكبير يوم تقاعده ممثلاً بمبلغ تقاعدي أكبر مما يستحقه بناء على راتبه الحالي، وهذه النقطة مهمة جداً لرواتب العسكريين وصغار «المدنيين»، فالملاحظ أن راتب الموظف العسكري على رأس العمل جيد بسبب أنه يتضمن مجموعة من البدلات (أو أصنافاً بحسب مصطلح العسكر) ، ولكن راتبه ينحدر بشكل كبير جداً حين تقاعده بعد زوال هذه «البدلات»، وبالتالي فإن تحويل البدل الحالي إلى راتب يعتبر حلاً جيداً وسريعاً لمشكلة هؤلاء الموظفين بعد التقاعد. سابعاً: إن تحويله إلى راتب أساسي سيفيد أبناء الوطن الذين يعملون في سفاراتنا وملحقياتنا في الخارج، كما سيستفيد منه الموظفون المبتعثون، فبحسب علمي أن هذا البدل لا يصرف لهم على رغم أنهم يعيشون في دول تصل معدلات التضخم فيها إلى مستويات مرتفعة، ولا أدري سبب حرمانهم من هذا البدل وقصره على الموظفين داخل المملكة على رغم أن القرار حين صدوره لم يستثن أحداً، والمواطن في الخارج يعامل مثل المواطن في الداخل. ثامناً وأخيراً: إن هذا البدل يتم صرفه شهرياً، وبالتالي فهو ليس زيادة رواتب جديدة يخشى معها من استغلال التجار لرفع الأسعار بنسبة الزيادة أو أعلى منها كما حصل عند زيادة الرواتب قبل خمسة أعوام، كما أن تحويله في هذا التوقيت مناسب لأن الأسعار في دول الاستيراد معتدلة، ولا تشهد معدلات التضخم في هذه الدول جموحاً كبيراً كما حدث في المرة الماضية، وبالتالي فلا خشية من رفع «مفتعل» للأسعار مع تغيير مسمى البدل ليكون جزءاً من الراتب. * اقتصادي سعودي مقيم في بريطانيا. www.rubbian.com