تعهد الرئيس السوداني عمر البشير في بداية ولاية رئاسية جديدة أمس بعدما أعيد انتخابه الشهر الماضي، بإجراء استفتاء تقرير مصير جنوب السودان في موعده، وإقرار السلام في دارفور، وقيادة حوار مع الدول الغربية لإصلاح علاقات بلاده الخارجية والتعاون في مكافحة الإرهاب، وتعهد تشكيل حكومة فاعلة ومنسجمة. وقال البشير عقب أدائه اليمين الدستورية أمام البرلمان في حضور ستة من الزعماء الأفارقة ومستوى عربي أقل وغياب غربي بإجراء استفتاء تقرير مصير جنوب السودان في موعده في كانون الثاني (يناير) المقبل، وفقاً لاتفاق السلام الشامل، مؤكداً أن «لا عودة للحرب أبداً». وأضاف: «نريد لإخوتنا في الجنوب الإدلاء بآرائهم دون إملاء أو تزوير من أحد وأؤكد أن لا مجال لزعزعة أمن واستقرار الجنوب ونقبل عن رضا الاختيار الحر لأبناء الجنوب». وتابع: «موقفنا هو الإيمان بالوحدة وأن نعمل لها بجد وصدق من خلال إكمال اتفاق السلام وأن أشرف شخصياً على إكمال مشروعات التنمية والمشروعات الخدمية التي وعدت بها خلال الحملة الانتخابية في الجنوب». وعن إقليم دارفور، أكد البشير أن حكومته ستمضي في مواجهة أزمة دارفور بكل جدية وستبني «شراكة فعالة مع مؤسسات المجتمع المدني في الإقليم»، مشيراً إلى أن الحكومة ستعمل على توسيع الوجود الأمني في دارفور بالتعاون مع القوة الأممية الأفريقية المشتركة «يوناميد». وزاد: «لا عودة للحرب في دارفور ولا مكان لزعزعة الأمن والاستقرار». وأعرب البشير عن امتنانه «لكل من بذل جهداً صادقاً لعوننا للوصول إلى السلام في دارفور وأخص دولة قطر وتشاد والأممالمتحدة». كما أعلن البشير أنه سيفتح صفحة جديدة في علاقات بلاده الخارجية وتعهد بأن يتولى شخصياً إجراء حوار مع الدول الغربية لتنقية الأجواء وتحسين العلاقات معها. وزاد: «سأحرص شخصياً على تعزيز الحوار مع دول الغرب من أجل تنقية الأجواء والإبقاء على سجل السودان المشرف في مكافحة الإرهاب والجريمة وتجارة المخدرات». وذكر البشير أمام البرلمان: «أشعر بالعرفان لمن منحوني أصواتهم داخل الوطن وخارجه»، لافتاً إلى أن الرئاسة «فادحة الثمن وبالغة المخاطر»، معرباً عن أمله في أن يتمكن من القيام بمهماتها بالوجه الصحيح. وحضر مراسم تنصيب البشير في مقر البرلمان 6 من الزعماء الأفارقة وتمثيل عربي أقل مستوى وغياب غربي، حيث حضر المناسبة الرئيس الاريتري أساياس أفورقي، والرئيس التشادي إدريس دبي، والرئيس الملاوي بينغو وموتاريكا الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي، ورئيس جمهورية أفريقيا الوسطى فرانسوا بوزيزيه، والرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز، والرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر غيلي، ونائب الرئيس الكيني ستيفن كالونزا مسيوكا ورئيس الوزراء الإثيوبي مليس زيناوي. وحضر من الدول العربية أبوبكر يونس ممثلاً الرئيس الليبي معمر القذافي، ووزير الدفاع المصري المشير حسين طنطاوي ممثلاً الرئيس حسني مبارك والشيخ حمد بن ناصر آل ثاني وزير الدولة للأسرة المالكة عن أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة. كما حضر المناسبة مبعوث الأممالمتحدة إلى السودان هايلي منغريوس والمبعوث الأممي الأفريقي المشترك إلى دارفور إبراهيم غمباري ،ومساعد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد بن حلي ووزير الصحة الصيني. في غضون ذلك، أكد دينق ألور وزير الخارجية السوداني، وهو قيادي في «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، وجود خلافات مع شركائهم في حزب المؤتمر الوطني الحاكم في شأن قضايا مرتبطة بالاستفتاء على تقرير مصير الجنوب تشمل تشكيل المفوضيتين اللتين ستشرفان على استفتاءي الجنوب ومستقبل منطقة أبيي بين الانضمام إلى الجنوب أو البقاء ضمن الشمال. وقال الور للصحافيين عقب مراسم تنصيب البشير أن الحزب الحاكم متمسك بتولي الشرطة القومية الحفاظ على الأمن خلال الاستفتاء، لكن حركته ترفض ذلك. وطالب بإحالة ملف القضية إلى الأممالمتحدة. وكشف أن نائب الرئيس علي عثمان محمد طه سيستقر خلال المرحلة المقبلة في جوبا عاصمة الجنوب لإدارة ملف الاستفتاء ومتابعة القضايا المرتبطة به. على صعيد آخر، أعلنت الحكومة السودانية عن مبادرة مشتركة مع قطر للتوسط بين اريتريا وجيبوتي من أجل حل النزاع الحدودي بين البلدين الجارين. واتفق الرئيسان السوداني والاريتري في لقاء ضمهما ليل الأربعاء على توحيد جهود الخرطوم والدوحة في هذا الشأن. وأكدت الخارجية السودانية أنها لمست من الجانب الاريتري استعداداً للتفاوض مع جيبوتي، وقال وزير الدولة للخارجية علي كرتي عقب محادثات مع وزير الخارجية الاريتري عثمان صالح، إن الوفد الاريتري أجرى لقاء مع مساعد الرئيس السوداني نافع علي نافع تركز في هذا الجانب. يذكر أن المنطقة المتنازع عليها بين اريتريا وجيبوتي تضم تلاً يعرف باسم «جابلا»، أو «رأس دوميرة»، إضافة إلى جزيرة صغيرة تدعى «دوميرة»، وسبق أن اندلعت معارك بين القوات الاريترية والجيبوتية على طول الحدود بين البلدين في حزيران (يونيو) 2008، وقبلها جرت مواجهات عسكرية في منتصف التسعينات. واستمرت العلاقات متوترة بين البلدين حتى الآن. وترفض اريتريا سحب قواتها من الجزيرة، وأي وساطة بين البلدين، كما رفضت جيبوتي التفاوض قبل انسحاب اريتريا المنطقة.