مبدئياً كان من المتوقع أن يجابه المخرج الروسي الكبير نيكيتا ميخالكوف، عاصفة عاتية لدى وجوده في «كان»، بعدما ظهر خلال المهرجان بيان وأخبار هاجمته بوصفه رجل السلطة الآن في السينما الروسية، كما ظهرت كتابات نددت بفيلمه الجديد الذي عرضه في المسابقة الرسمية للمهرجان لكنه لم يحصد في نهاية الأمر أي فوز. لكن العاصفة لم تحدث. صحيح أن بعض الأصوات ارتفعت من هنا ومن هناك، بعضها روسي وبعضها الآخر فرنسي حاول المزايدة... لكنها كانت أشبه في صراخ في صحراء... فلا الرأي العام «الكاني» انتبه إليها، ولا - حتى - ميخالكوف نفسه عبئ بها. حين كان البعض يسأله عن الأمر، كان يطلق ضحكته الفاتنة ويصمت، كذلك فإن فيلمه الجديد «الشمس السراب 2»، لم يكن أبداً على السوء الذي جرى الحديث عنه في موسكو، إنه بالأحرى فيلم ملحمي مميز، يعود فيه ميخالكوف الى الإنسان - وتحديداً الى الكولونيل كيتوف، الشخصية المحورية في فيلم سابق له هو «الشمس السراب» (الأول)، والتي لعبها بنفسه -، إنما من خلال أحداث رائعة تدور خلال احتلال الألمان النازيين أجزاء من روسيا خلال الحرب العالمية الثانية. والفيلم، بهذا يتابع مصير الكولونيل الذي كان اعتقل في نهاية الفيلم الأول، ليجعله هذه المرة مشاركاً في الحرب، مقاتلاً شجاعاً، يحدث له طوال الوقت أن يعيش على ذكريات حبه ورفقته لابنته التي انخرطت الآن في الصليب الأحمر بعدما عرفت أن أباها حر وعلى قيد الحياة. «الشمس السراب 2» هو أضخم فيلم روسي صوّر حتى الآن. ونال تصفيقاً كبيراً حين عرض في اليوم الأخير لمهرجان «كان». وميخالكوف الذي لم يفته أن يبدي شكره للجمهور الذي استقبل الفيلم هذا الاستقبال الحافل، قال إنه إنما قرر أن يحققه منذ اللحظة التي «شاهدت فيها قبل سنوات فيلم الأميركي ستيفن سبيلبرغ الرائع «إنقاذ المجند رايان». لقد أحببت هذا الفيلم كثيراً، لكني في الوقت نفسه غضبت إذ وجدت مخرجه يفعل كما يفعل غيره من كبار المخرجين الأميركيين الذين حققوا أفلاماً عن الحرب العالمية الثانية: لقد ركزوا غالباً على موقعة دانكوك ونزول الأميركيين فيها متناسين الدور العظيم الذي كان لتضحيات ودماء الشعب الروسي وبطولات الجنود الروس في التحرير. ومن هنا قررت أن أعود الى هذا الموضوع في فيلم عالمي الصبغة، كي يتذكر العالم حقيقة ما حدث». وأبدى ميخالكوف أمله في أن يسمع رأي سبيلبرغ بفيلمه هذا، مؤكداً أن إنتاجه كلف 40 مليون دولار (لا 55 مليوناً كما كان قد أُعلن سابقاً). وفي الوقت نفسه أعلن ميخالكوف أن هذا الفيلم، الثاني في سلسلة «الشمس السراب» سيكون له جزء ثالث يختتم ثلاثيته عن الكولونيل كيتوف، ويصور أحداثاً تدور عند نهاية الحرب العالمية الثانية، أي عند الانتصار الكبير «حيث آمل أن أجمع في مشهد أخير الكولونيل بابنته الحبيبة».