أول من أمس الثلاثاء 25 (أيار) مايو يُصادف ذكرى مرور 29 عاماً على قيام مجلس التعاون الخليجي، ففي يوم «25 مايو 1981» اجتمع في مدينة ابو ظبي كل من: الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود، والشيخ جابر الأحمد الصباح والشيخ زايد آل نهيان، والشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة «عليهم رحمة الله ورضوانه»، والسلطان قابوس بن سعيد، والشيخ خليفة بن حمد آل ثاني، وأعلنوا قيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية. ولعله من حسن الطالع أن تأتي هذه الذكرى مع نهاية العقد الثالث من عمر مجلس التعاون، ويكون المجلس انتقل من مرحلة التأسيس والبناء إلى مراحل متقدمة من التكامل والاندماج، فبفضل من الله تحققت مشاريع التكامل الكبرى، التي اشتملت على: الاتحاد الجمركي، والسوق الخليجية المشتركة، ومشروع السكك الحديد، والاتحاد النقدي، والربط الكهربائي، وقد تحقق لمجلس التعاون في مسيرته المباركة عدد من الخطوات المهمة التي أسهمت في الإعداد لمرحلة جديدة متطورة تنقل العمل الخليجي المشترك إلى مراحل متقدمة من التكامل والاندماج، التي من أهمها على الإطلاق، اعتماد قادة دول مجلس التعاون، في قمة مسقط التي عقدت خلال (كانون الأول) ديسمبر 2001، الاتفاق الاقتصادي بين دول مجلس التعاون ليحل محل الاتفاق الاقتصادي الموحّد الذي كان المجلس الأعلى أقرّه في العام 1981، ذلك الاتفاق الذي مثّل الإطار العام والبرنامج العريض للعمل الاقتصادي المشترك في بداية مسيرة المجلس، ويمكن القول إن الاتفاق الاقتصادي، دشن مرحلة جديدة في مسيرة مجلس التعاون، بمضامين وأهداف تنسجم وتطورات العمل الاقتصادي في المجلس وإنجازاته، وتواكب التطورات على الساحة الاقتصادية الدولية. وإذا كانت «منطقة التجارة الحرّة» التي أنشأها المجلس في عام 1983 تمثل المرحلة الأولى من مستويات التكامل، وفق نظرية الاندماج الاقتصادي، فإن الاتحاد الجمركي الذي أقامه المجلس في (كانون الثاني) يناير 2003 يمثل المرحلة الثانية، والسوق الخليجية المشتركة التي أعلن المجلس عن قيامها اعتباراً من عام 2007 المرحلة الثالثة، من مستويات الاندماج المشار إليها. وأخيراً، فإن مجلس التعاون أصبح بالفعل في نطاق المرحلة الرابعة من التكامل والاندماج عندما اعتمد المجلس الأعلى في دورته «29»، التي عقدت في مسقط خلال شهر ديسمبر 2008، اتفاق الاتحاد النقدي، والنظام الأساسي للمجلس النقدي، الذي قطع شوطاً في طريق إصدار العملة الخليجية الموحدة، إذ أعلن عن قيام المجلس النقدي التنفيذي بمدينة الرياض برئاسة محافظ مؤسسة النقد السعودي، وسيتولى هذا المجلس إنشاء البنك المركزي الخليجي تمهيداً لإصدار العملة الخليجية الموحدة. ولم يقتصر الإعداد للمرحلة الجديدة من التكامل والاندماج على الجانب الاقتصادي فحسب، فهناك قرارات عدة مهمة في مجالات أخرى أسهمت، بشكل أو بآخر، في الدفع نحو المرحلة الجديدة في مسيرة مجلس التعاون، منها على سبيل المثال إقرار المجلس الأعلى لاتفاق الدفاع المشترك بين دول المجلس، واتفاق دول مجلس التعاون لمكافحة الإرهاب، التي تمثل خطوة جماعية أخرى من دول المجلس لمواجهة الإرهاب. إن نظرة موضوعية لأفق التعاون الخليجي تُظهر آثار ومعالم المسار التكاملي الجديد الذي بدأ فعلياً في العقد الثالث من عمر مجلس التعاون، حين استقر مؤشر بوصلة المجلس على التكامل والاندماج والوحدة. إن لغة الأرقام والإحصاءات الفعلية تؤكد بأن السوق الخليجية المشتركة واقع معاش، وآخذ في الترسخ، إذ أسهمت قرارات تسهيل الانتقال والإقامة إلى ارتفاع أعداد المواطنين الذين يتنقلون بين الدول الأعضاء من 4.5 مليون مواطن عام 1995 إلى ما يزيد على 15 مليوناً في العام 2008، كما أن عدد التراخيص الممنوحة لمواطني دول المجلس لممارسة مختلف الأنشطة الاقتصادية بلغ نحو 28 ألف رخصة حتى عام 2008، وفي مجال تملك العقار، بلغ الإجمالي التراكمي لحالات شراء العقار نحو 44 ألف عملية حتى نهاية العام الماضي، أما في مجال تملك الأسهم فقد بلغ عدد الشركات المسموح بتداول أسهمها لمواطني دول المجلس 637 شركة مساهمة، برأسمال يصل لنحو 195 بليون دولار، وبلغ عدد المساهمين من مواطني دول المجلس 658 ألف مساهم. كما أن التأثير المباشر لقرار إقامة الاتحاد الجمركي عام 2003 على التجارة البينية واضح، إذ حققت معدل نمو سنوي بلغ 27 في المئة خلال الأعوام من 2003 إلى 2008، مقارنة بمعدل سنوي بلغ 4.6 في المئة خلال الأعوام العشرة السابقة لقيام الاتحاد الجمركي. - يجب التنويه بأن مصدر هذه المعلومات هو كتاب «مجلس التعاون في عقده الثالث - التكامل والوحدة»، الصادر عن الأمانة العامة لمجلس التعاون 2010. رئيس وحدة التدريب والتطوير الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي [email protected]