يواجه العديد من المسؤولين الأتراك مواقف محرجة ولحظات صعبة، بسبب اتساع ظاهرة التنصت على الهواتف التي يبدو انها طاولت الكلّ وكشفت الكثير من المستور، ما يدفع بهؤلاء للجوء الى القنوات الإعلامية لتفسير مواقفهم قبل كشف فحوى مكالماتهم أو تسريبها الى وسائل الإعلام أو التقدم ببلاغ لدى المحاكم، للشكوى من عمليات التنصت التي تجرى سراً. وبين هؤلاء رئيس الأركان السابق الجنرال يشار بيوك انيت الذي خص «قناة دي» التركية بحديث نادر ومطوّل، تحدث فيه عن الاحتكاك السابق بين الجيش وحكومة رجب طيب اردوغان خلال أزمة انتخاب رئيس للجمهورية وقضية حل حزب العدالة والتنمية الحاكم. وأكد بيوك انيت اقتناعه بأن الحكومة كانت تتنصت وفي شكل غير شرعي، على مكالماته الخاصة، معتبراً أنه أحد ضحايا التحقيق في قضية تنظيم «ارغينيكون» اليميني الذي يتهمه القضاء بتدبير انقلاب عسكري ضد الحكومة. وأشار بيوك انيت الى وجود قوى خفية حاولت منعه من الوصول الى منصب رئيس الأركان، من خلال حملة لتشويه سمعته. وقال إن «أكثر من 15 ألف رسالة نصية أرسلت في يوم واحد للعديد من الصحافيين والسياسيين والإعلاميين في تركيا، تطالبهم بالتصدي لوصولي الى كرسي قيادة الأركان، وهذا لا يمكن ان يكون عملاً فردياً بل من فعل تنظيم. وتابعنا في قيادة الأركان اثر هذه الرسالة، فوجدنا ان مصدرها في مكان مجهول داخل الولاياتالمتحدة، وهذا أمر يبعث على الحيرة والدهشة!». وأقر بيوك انيت بأنه هو من كتب البيان الشهير الذي وُضع على الموقع الإلكتروني لقيادة الأركان في نيسان (أبريل) 2007، والذي اعتُبر تهديداً بالانقلاب على الحكومة. وقال ان البيان «شدد على حساسية القوات المسلحة التركية حيال العلمانية». لكنه نفى وجود نية للانقلاب حينها، وقال إن الأمر كان «مجرد محاولة لتنبيه الحكومة الى أهمية العلمانية التي انتُهكت أكثر من مرة في حينه». كما نفى بيوك انيت الذي تقاعد عام 2008، أن يكون اردوغان ساومه على موقفه بعد ذلك، خلال اللقاء الذي جمعهما بعد أسبوعين من ذاك البيان، والذي دفع الجيش الى التراجع عن تهديداته. وقال أنه توصل لاتفاق مع اردوغان من أجل الحفاظ على العلمانية وعدم المساس بها. ورأى بيوك أنيت في قرار المحكمة العليا عام 2008 تغريم الحزب الحاكم لنشاطاته المناهضة للعلمانية، تأكيداً لصوابية موقف الجيش. وقال ان «قرار المحكمة الدستورية برر موقفنا. كنا نعتقد ان ما قمنا به هو الأمر الصحيح». على صعيد آخر، تحقّق المحكمة مع فردا باكسوت زوجة عثمان باكسوت أحد قضاة المحكمة الدستورية الذين شاركوا في قضية حل حزب العدالة والتنمية العام الماضي، بتهمة الانتماء الى «ارغينيكون»، بعد الكشف عن اتصالات وثيقة مع التنظيم أطلعتهم عبرها على سير القضية من خلال زوجها. وكُشف الأمر من خلال عمليات التنصت الكثيرة المنتشرة، والتي بدأت قبل سنتين كما أعلن الأمن العام. في المقابل اعتبر عثمان باكسوت التحقيق مع زوجته انتقاماً منه، لأنه اتهم الحزب الحاكم برشوة بعض قضاة المحكمة الدستورية من أجل عدم إصدار حكم بحلّه.