في أمر سري يعكس التوجه غير التقليدي للسياسة الدفاعية الأميركية في الشرق الأوسط والاستعدادات لمواجهة مخاطر محدقة بينها البرنامج النووي الايراني، أعطى قائد القيادة الوسطى في الجيش الأميركي ديفيد بترايوس الضوء الأخضر لزيادة العمليات العسكرية السرية في منطقة الشرق الأوسط وللتعامل مع تهديدات شتى من محاربة القاعدة الى احتمالات استطلاع المنشآت النووية الايرانية، تنفذها فرق «الوحدات الخاصة» الأميركية في دول معادية وصديقة للولايات المتحدة. الأمر، الواقع في سبع صفحات، تمت الموافقة عليه في أيلول (سبتمبر) الفائت وسربت مضمونه صحيفة «نيويورك تايمز» في عددها أمس. وهو يهدف، في اطاره العام، الى توسيع نطاق الأنشطة العسكرية السرية للولايات المتحدة في الشرق الاوسط وآسيا الوسطى وشرق افريقيا لضرب شبكات المتطرفين و»اختراق وعرقلة عمل وهزم شبكة القاعدة او القضاء عليها وعلى ومجموعات اخرى في ايران والصومال». وذكرت الصحيفة ان الأمر يركز على جمع معلومات استخباراتية في البلدان المطلوبة «من قبل القوات الاميركية ورجال اعمال اجانب واكاديميين او اشخاص اخرين» لرصد التهديدات والتعرف الى المتطرفين. وكان من الثمار الأولى لوثيقة بترايوس السماح بتكثيف الدور العسكري الأميركي في اليمن بعد ثلاثة أشهر من صدورها، وبزيادة المساعدات العسكرية والاستخباراتية (150 مليون دولار) لمساعدة القوات اليمنية على ضرب أهداف ل «القاعدة»، وأيضا نشر المزيد من الطائرات بلا طيار لجمع المعلومات وتعقب أهداف ذات قيمة عالية وتمويل العمليات السرية. كما كان الأمر السري وراء حصول هجوم العام الفائت نفذته قوات العمليات الخاصة المحمولة جوا على سيارة كان يستقلها صالح علي صالح نبهان الكيني المولد، وهو من أكثر قادة «القاعدة» المطلوبين في شرق أفريقيا. وزاد الاهتمام الأميركي باليمن وملاحقة عناصر «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب» هناك بعد تبني التنظيم محاولة فاشلة لتفجير طائرة ركاب أميركية في 25 كانون الأول (ديسمبر) الماضي. وتنشر القيادة المركزية طائرات بلا طيار من طراز «ريبر» في قاعدة بالقرن الافريقي، والتي يمكن استخدامها ضد متشددين في اليمن والصومال وحتى ضد القراصنة الذين يهاجمون سفناً تعبر خليج عدن والمحيط الهندي. استعداد للتطورات الإيرانية وبالنسبة لايران، يأتي تضمينها في وثيقة بترايوس ليعكس الاستعدادات الأميركية لأي خيار محتمل للتعامل مع برنامجها النووي. اذ أشار التقرير الى أن الأمر «يسمح على ما يبدو بعمليات محددة في ايران، معظمها لجمع المعلومات عن برنامجها النووي ومعرفة الجماعات المنشقة التي يمكن ان تكون مفيدة في حالة اي هجوم عسكري مستقبلي». وقال مسؤولون دفاعيون ايضا للصحيفة ان الامر «يتيح امكان القيام باستطلاع قبل ضربة عسكرية محتملة في ايران اذا استمر التوتر بخصوص ملفها النووي في التصاعد». وفي حين ان هذه التوجيهات الهادفة ايضا الى تحسين العلاقات مع القوات المحلية الصديقة في المنطقة تعكس تحركات قامت بها ادارة جورج بوش السابقة لتوسيع نطاق عمليات عسكرية أمنية خارج مناطق الحرب، فان الامر الجديد يهدف الى اعتماد مقاربة يكون مداها اطول. ولفتت الصحيفة الى ان انشطة تتم بموجب هذا القرار لا تحتاج كالانشطة التي تقوم بها وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) الى مداولات كثيرة مثل موافقة البيت الابيض على عملياتها او رفع تقارير الى الكونغرس، لكن العمليات المهمة لا تزال بحاجة الى موافقة مجلس الامن القومي للبيت الابيض. وقال مسؤولون ان التعليمات هذه تتعلق بالانشطة «التي لا يمكن ان تنفذ ولا تنفذ بموجب الجهاز العسكري العادي او وكالات استخبارات اميركية اخرى».