يقول الخبر: «أصحاب العقارات يشترطون الصلاة وعدم تركيب الدش وعدم وجود الأطفال». لمالك العقار الحق في سن القوانين التي تضمن من وجهة نظره سلامة عقاره بعد أن يخليه المستأجر، له الحق في ألا يؤجره للعائلة الكبيرة، وله الحق كذلك في عدم تأجير من يظن أنه - لأسباب اجتماعية أو تاريخية – غير جدير بالمحافظة على محتويات ومكونات العقار، بل إن له الحق أن يبقيه فارغاً تلعب به الريح صباح مساء، له الحق كذلك أن يشترط على المستأجر أن يشهد صلاة الجماعة كلما وجد لذلك طريقاً، على رغم سيل «المجيزات» الأخير، وله الحق أيضاً أن يمنع تركيب الصحون اللاقطة في أسطح عقاره، بمختصر العبارة: عقاره وهو حر فيه، لست هنا بصدد مناقشة صحة أو عدم صحة اشتراطات ملاك العقار. ما أود الحديث عنه هو غياب المسطحات الخضراء من أحياء المدن السعودية. سأسأل: لماذا تغيب؟... وسأجيب: لأن الأمانة لا تمارس عملها بشكل جيد، أو تمارس عملها بشكل جيد، لكنها تتعرض لضغوط أقوى منها من كيانات أو إدارات حكومية. في كل بلاد الدنيا تحتل المسطحات الخضراء في داخل الأحياء مساحات لا تقل عن 30 في المئة من المساحة الكلية للحي، بينما تتراص البيوت في أحيائنا بجانب بعضها البعض وكأنها علب كبريت قابلة للاشتعال في أي وقت. لماذا كل هذا؟ لأن التاجر الذي وضع يده على الحي كاملاً بطريقة أو بأخرى، شرعية أو غير شرعية، لا يريد التفريط في أي متر، وبالتالي يخطط الحي كاملاً كأراضٍ لوحدات سكنية للأفراد متخلياً عن دوره الاجتماعي أو الواجب الذي يحتمه عليه البناء الاجتماعي، وعلى ساكني الحي في ما بعد الذين سيدفعون مدخراتهم كاملة للحصول على قطعة أرض أن يزرعوا مسطحاتهم الخضراء في صدورهم كي يستطيعوا العيش بسلام. أنا هنا فقط لأقول إن من لا يستطيع العيش في علبة كبريت محاطة بثلاث علب كبريت، فعليه الرضوخ لمن يريد أن يفرض عليه شروطاً قد لا تكون وجيهة أحياناً. أعود لمنتصف هذه الفقرة وأقول: هل المشكلة في الأمانة، أم في التاجر، أم في جهة ثالثة لا نعرف عنها شيئاً؟ *** يقول الخبر: «الحوادث المرورية سبب 25 في المئة من الإعاقات». احتج كثير من الناس على تدشين نظام «ساهر»، وبالغ بعضهم في الاحتجاج بأن قالوا بأن المرور بدأ في مشاركتهم قوتهم وقوت عيالهم، لكن هؤلاء الناس في المقابل لا تستقيم أوضاعهم ولا ينصلح حالهم إلا عندما تمتد يد القانون إلى جيوبهم! نحن لا نحتاج لنظام ساهر فقط في المرور، بل نحتاجه في كل مناحي حياتنا حتى نتعود «بالقانون» على السير بطريقة صحيحة وصحية. تفعيل القوانين هو السبيل الوحيد إلى تنظيم أساليب العمل والحياة في مجتمعاتنا، وإلا فإن ترك الناس لأخلاقهم ومعتقداتهم ومرجعياتهم أمر بالغ الخطورة، ولا يستقيم مع نظم الحياة المدنية التي ننشدها. هنالك أصوات كثيرة تطالب بإلغاء نظام ساهر، وفي المقابل هنالك أصوات لا أستطيع أن أتبين عددها كون صوتي أحدها، تطالب بأن يكون نظام ساهر دافعاً لإطلاق الكثير من الأنظمة التي تمد يدها إلى جيب المواطن المخطئ!! يقول الخبر: «10 في المئة من العاملات المنزليات يهربن... وعصابات تنظم التهريب والتأجير». لماذا تهرب العاملات المنزليات في السعودية؟ لثلاثة أسباب لا رابع لها: الهروب بجسدها من عذاب سيدة أو سيد المنزل، أو الهروب للانتقال من مستوى دخل شرعي معين إلى مستوى دخل غير شرعي أعلى، أو لرمي جسدها في عذابات الانتهاك الجنسي في مقابل دخل أعلى من الدخل الذي تتقاضاه في عملها الخدمي. نسبة الهروب عالية بلا شك، لكن النسبة «المصيبة» هي نسبة حضور العاملات المنزليات في حياتنا. تقول بقية الخبر إن هناك عاملة منزلية أجنبية لكل سعوديين، وبالأرقام «2 سعودي»! هناك الكثير من السعوديين يطالبون بأن تتدخل الوزارات المعنية في محاولة خفض أجور العمالة المنزلية التي أخذت في التصاعد منذ ما يزيد على السنوات الثلاث، لكن هناك الكثير أيضاً من السعوديين – لا أستطيع عدهم كوني احدهم – يطالبون بأن تفرض وزارة المالية ضريبة خدمية تساوي مقدار راتب العاملة المنزلية يدفعها رب الأسرة «المستقدم للخدم» مباشرة لصندوق الضرائب، فما دمنا قادرين شهرياً على دعم «دول منشأ العاملات المنزليات» بمبالغ قد تساوي موازنات دول صغيرة، فنحن قادروين على دعم صندوق الضرائب بمبالغ قد تسهم على الأقل في المساعدة في اقتطاع مساحات في الأحياء لتحويلها إلى متنفسات خضراء. يقول الخبر: «تجمع 300 طالب أمام ثانوية احتجاجاً على سوء معاملة المدير». لو كان ال300 طالب وال15 مدرساً الذين قالت بقية الخبر أنهم اشتكوا المدير للجهات التعليمية، لو انهم انتخبوا مدير المدرسة بأنفسهم، لما تجمعوا عند باب المدرسة في منظر احتجاجي يسيء للعملية التعليمية، لو كانوا منتخبيه لانتظروا انتهاء مدة ولايته الانتخابية وهم يقولون هذا ما جنته علينا اختياراتنا السيئة، ولتعلموا في المستقبل كيف ينتخبون من يعاملهم معاملة حسنة. تفعيل الانتخابات المدرسية هي اللبنة الأولى لتعليم الناس أهمية الانتخابات وقيمتها. يظن الكثير من الناس أن الاحتجاج الجماعي وسيلة تغيير جيدة، ويظن كثيرون آخرون – أنا من ضمنهم – أن التغيير يكون في العملية لا في النتيجة. *** يقول الخبر: «عضو مجلس الشورى الدكتور عبدالرحمن العناد يقول إن وجود 4 لاعبين أجانب في أنديتنا سبب تدني مستوى الكرة السعودية». وأنا أقول إن العدد لو زاد إلى خمسة لاعبين لتغيرت حال الكرة السعودية إلى الأفضل، ثلاثة لاعبين أجانب، إضافة إلى لاعب آسيوي ولاعب عربي، سيسرعون من اختفاء اللاعبين السعوديين من دون المستوى، إضافة إلى أنهم سيدخلون السعوديين الآخرين إلى أجوائهم الكروية وليس العكس، فما هو حاصل حالياً أن اللاعب الأجنبي النجم يهبط مستواه ما أن ينضم للفرق السعودية عملاً بالنظرية الفيزيائية: الأواني المستطرقة، هذه النظرية التي تسببت في خفوت نجم الكثير من الأجانب في ملاعبنا هي نفسها التي ستسهم في رفع مستوى اللاعبين السعوديين في حال زاد عدد الأجانب إلى خمسة. * كاتب سعودي. [email protected]