أبلغت السفارات والقنصليات السعودية في الخارج أخيراً الطلاب المبتعثين للدراسة بضرورة العمل على إبلاغها في حال التورط في نزاع أو مساءلة قانونية يكون أي منهم طرفاً فيها، في خطوة تهدف إلى تجنب الطلاب المبتعثين أي عواقب وخيمة ناجمة عن التلكؤ في إحاطة المسؤولين بذلك، ما يعرض المبتعث لعقوبات قد تؤثر على مسيرته الدراسية وتؤدي إلى إلغاء إقامته، في الوقت نفسه أكد عدد من المتبعثين ل«الحياة» حرصهم على عدم إبلاغ السفارة في حال حدوث مشكلات بسيطة (تتعلق بمخالفات مرورية أو تعرضهم لسرقات بسيطة في أماكن عامة). وارجع المبتعث إلى أميركا عادل العتيبي في حديثه إلى «الحياة» عدم رغبة كثير من الطلاب في إبلاغ السفارة السعودية في حال تعرضهم لبعض المشكلات القانونية إلى تخوفهم من إلغاء بعثتهم، واستدرك بالقول: «في حال تورط أحد المبتعثين في قضايا كبيرة تكون السفارة هي الملجأ الأول، خصوصاً أن مثل هذه القضايا تتطلب محامياً». وأضاف: «إن كلفة المحامين باهظة الثمن غالباً، ولا يستطيع الطالب تحملها ما يدفعه إلى إبلاغ الملحقية الثقافية في سفارة بلده عند تعرضه لمشكلة يستوجب حلها وجود محام». مشيراً إلى أن تخوفهم من إلغاء ملف بعثتهم وعودتهم إلى السعودية هو ما يجبر الكثيرين على عدم إبلاغ السفارة إلا في حال تعقد القضية. وزاد: «غالباً ما يتعامل الطلاب مع مشكلاتهم بشكل فردي، خصوصاً في حالات مخالفات الأماكن العامة وقضايا قيادة السيارة وهي أكثر المشكلات التي يقع فيها الطلاب المبتعثون، إذ يعمل المتورط في أي من هذه القضايا على دفع الغرامة وإنهاء المشكلة بنفسه». بينما وصف المبتعث إلى فرنسا أحمد الثبيتي القرار ب «الإيجابي»، خصوصاً بالنسبة للطلاب المبتعثين حديثاً، نظراً إلى جهلهم بقوانين البلد الذي ابتعثوا إليه، وقال: «لا بد أن يكون هناك دور أكبر تلعبه الملحقيات الثقافية في السفارات السعودية، كعمل ورش عمل لتعريف الطلاب بأنظمة البلد، حتى لا يقعوا في المحظور». ولفت إلى أن جهل غالبية المبتعثين السعوديين بقوانين الدولة التي ابتعثوا إليها يمكن أن يوقعهم في مشكلات عدة. في المقابل، يرى قانونيون مناحي إيجابية عدة تتمخض عن هذه الخطوة، خصوصاً أن الملحقيات الثقافية تلعب الدور الرئيس في متابعة المبتعثين ورعايتهم حتى عودتهم إلى البلاد. وذكر المحامي نايف يماني ل «الحياة»: «بدأت فعلياً الملحقيات الثقافية تلعب دوراً رئيساً في الإشراف والمتابعة والمفترض أن هذا الدور يشمل المبتعثين كافة، بمن فيهم الدارسون على نفقتهم الخاصة، لا سيما أن الملحقية الثقافية ذات دور إشرافي يمكّنها من متابعة جميع الطلبة». وطلب يماني أن تلعب السفارات السعودية في الخارج على وجه العموم والملحقيات الثقافية فيها تحديداً دوراً أكبر من الذي تؤديه حالياً، مضيفاً: «لا بد أن تكون هناك برامج متابعة لرعاية السعوديين في الخارج، خصوصاً المبتعثين منهم، لا سيما أن متابعتهم ستجنبهم الانخراط في مجموعات ذات أفكار سياسية تخريبية أو إرهابية». مشيراً إلى أن المشكلات التي يتعرض لها الطلاب لا تتوقف فقط على مخالفة قوانين تلك البلدان، «ولكن هناك مشكلات فكرية يمكن أن يتعرض لها الطالب». وأشار إلى أن المتابعات تشمل تجنيب الطالب من الدارسين على حسابهم الخاص التعليم في جامعات غير معترف بها، إضافة إلى تعريف الطالب بالجهات والدور التي قد يحتاجها كافة أثناء وجوده خارج البلاد. وطالب بوجود إدارة قانونية في الملحقيات الثقافية على أن يعمل بها محامون من البلد ذاته، وذكر أن أهمية الاستعانة بمحامين من الدولة ذاتها، جاءت استناداً إلى عملهم ودرايتهم بقوانين دولتهم، إضافة إلى شرعيتهم التي اكتسبوها بحصولهم على تراخيص معتمدة من بلدانهم. وأوضح أن توظيف محامين داخل السفارات السعودية في الخارج سيسهم في الحصول على الاستشارات القانونية اللازمة في قضايا السعوديين كافة، وقال: «إن الطالب الذي لا يتجاوز عمره 20 عاماً يصعب علية الإلمام بالإجراءات والأوراق المطلوبة للقضية كافة حتى لو كانت مخالفة مرورية بسيطة، لا سيما أن قوانين بعض الدول يمكن أن تحول تلك المخالفة أو حادثة السير إلى قضية تنظر في المحكمة». وشدد على الدور المهم والحيوي الذي تلعبه السفارات والملحقيات السعودية في الخارج في حياة رعايا دولتها في الخارج، من حيث المتابعة والحماية وتوفير المظلة له في «الغربة».