في تحوّل صريح عن سياسات الإدارات الأميركية السابقة، أعطت واشنطن أمس، المؤشر الأوضح الى تخليها عن مبدأ تغيير النظام في إيران، وتطلعها الى دور «معتدل» لطهران على الساحتين الإقليمية والدولية. وأكد مسؤول في إدارة الرئيس باراك أوباما ل «الحياة» أن واشنطن «لا تسعى الى تغيير النظام» في إيران، في أول إعلان أميركي رسمي من هذا النوع، يشكل ابتعاداً عن سياسات الإدارات الأميركية المتعاقبة منذ الثورة الإسلامية في إيران في 1979. وبعدما كانت الإدارات الأميركية ترفض تقديم أي ضمانات في هذا الشأن الى إيران، أكد المسؤول الذي فضل عدم ذكر اسمه أن أوباما «كان واضحاً في أننا سنستخدم الديبلوماسية المباشرة والمبدئية في التعاطي مع سياسات الحكومة الإيرانية». وصنّف المسؤول هذه السياسات بأنها «في رأي واشنطن والمجتمع الدولي، مزعزعة لاستقرار المنطقة وخارجها ومن ضمنها تحدي إيران التزاماتها الدولية في برنامجها النووي ودعمها الإرهاب». وأضاف أن واشنطن ملتزمة إخضاع السلوك الإيراني للمعايير الدولية». تزامن ذلك مع تأكيد رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ جون كيري المقرّب من أوباما، أن واشنطن لم تعد تسعى إلى «تغيير النظام» في إيران، مشدداً على ضرورة ان تستجيب طهران لانفتاح واشنطن. تصريحات كيري التي جاءت خلال جلسة استماع خُصصت لمناقشة آفاق السياسة الأميركية للتقارب مع إيران، تضاف كما قال الخبير في «معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى» باتريك كلوسون الى مؤشرات أخرى أرسلتها هذه الإدارة الى طهران، حول تخليها عن مبدأ تغيير النظام. وأكد كلوسون ل «الحياة» أن الرسالة التي وجهها أوباما الى «القيادة والشعب» الإيرانيين لمناسبة رأس السنة الفارسية، تعكس اعتراف الولاياتالمتحدة بالنظام الإيراني وعدم العمل لتغييره. ورأى أن هذه الرسالة لم تُفهم بالمدلول الكافي في إيران، معتبراً أن إزالة «مخاوف» النظام و «شكوكه» في نيات الإدارة الأميركية، محورية لتحقيق أي تقدم مع طهران. وقال كيري في مجلس الشيوخ: «جهودنا يجب ان تلقى استجابة من الطرف الآخر. فكما أننا نتخلى عن الدعوة الى تغيير النظام في طهران ونعترف بدور مشروع لإيران في المنطقة، على القادة الإيرانيين الاعتدال في سلوكهم وسلوك حليفيهم: حزب الله وحماس». وأضاف أن «الحل الأخير للمشكلة التي تطرحها الطموحات النووية الإيرانية، ليس تقنياً بل سياسي». وأكدت مصادر أميركية أن «دور إيران الإقليمي» سيكون على جدول أي محادثات بين واشنطنوطهران. وأشارت الى أن «حزب الله» وحركة «حماس» سيتصدران الشق السياسي في أي حوار مع طهران، وأن واشنطن وان كانت تعي موقع إيران الإقليمي وضرورة «إعطائها مكانتها» في المجتمع الدولي، إلا أن الإدارة الأميركية تريد تحولاً في السلوك الإيراني في المنطقة. وشدد مسؤولون أميركيون على أولوية «الحوار والديبلوماسية» في التعاطي مع الملف الإيراني، وهو ما أشار إليه السناتور كيري بتأكيده «ان الانفتاح الديبلوماسي الأميركي على إيران يستهدف إقناع طهران بوقف تعزيز قدراتها على صنع قنبلة نووية، وقبول عمليات مراقبة دولية صارمة». وأشار كيري الى وثيقة وضعتها لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس حول الملف النووي الإيراني، تؤكد أن «لا شيء يمنع إيران من إنتاج سلاح نووي يوماً ما، سوى قرار سياسي لقادة البلاد، لكن هذا القرار بطبيعته يمكن الرجوع عنه» طالما تحتفظ طهران بقدرتها على تخصيب اليورانيوم.