حلم الطفل الفلسطيني يوسف الشوامرة (14 عاما) من قرية دير العسل قرب الخليل جنوبالضفة الغربية، برحلة مدرسية، فخرج مع اثنين من رفاقه الى حقول القرية لجمع ثمار العكوب واللوز وبيعها لتوفير رسوم الرحلة، لكن جنود الجيش الاسرائيلي المرابطون حول الجدار قرروا إرساله في رحلة من نوع آخر ... رحلة الى السماء، فأطلقوا النار عليه وأردوه قتيلاً مع حلمه الصغير. قال الاستاذ في المدرسة نافز الشوامرة (37 عاما): «يوسف طفل لعائلة كبيرة، فقد والده معظم ارضه خلف الجدار، ولهذا يبدو انه لم يتمكن من أن يوفر له رسوم الرحلة، فقام الولد، حسبما علمنا لاحقاً من زملائه، بإقناع زميليْن له بمغادرة المدرسة ومرافقته الى حقول القرية الواقعة خلف الجدار لجمع الثمار وبيعها لتوفير المبلغ». وأضاف: «إنهم اطفال، يحسّون بمشاكل عائلاتهم، ويفكرون بحلها على طريقتهم، لكن المشكلة في من لا يفهمون الطفولة، فيطلقون عليهم الرصاص، رصاص الموت». وتقع قرية يوسف على مشارف «الخط الأخضر» الفاصل بين الضفة الغربية واسرائيل. وكانت السلطات الاسرائيلية أقامت قبل سنوات قليلة جدار الفصل في عمق أراضي القرية، وعزلت منها مساحات واسعة، بينها ارض عائلة يوسف. وقال والده ابو الوليد (56 عاما) الذي ما زال يستقبل المعزين باستشهاده: «كان عندي 40 دونم أرض أخذ منها الجدار 35 دونماً. كنا نعيش على الارض، واليوم لا نقدر الوصول اليها». واضاف: «أرضنا أرض خير، فيها لوز، وفيها زيتون، والولد (يوسف) كان بدّو (يريد) يوصَلها ويلقط (يقطف) من خيرها، لكنهم قتلوه». الطفلان الصغيران اللذان كانا برفقة يوسف قالا ان الجنود أطلقوا النار على جسده الصغير وهو يحاول الهرب منهم. وروى أحدهما للعائلة أن ثلاثتهم فوجئوا بالجنود يظهرون أمامهم من كمين خلف الجدار، وعندما رفعوا البنادق نحوهم، تسمّر اثنان منهم في الموقع، فيما حاول يوسف الهرب، وما أن ركض عائداً الى الخلف حتى أطلق الجنود النار عليه وأردوه قتيلاً. وتحظر السلطات الاسرائيلية على أهالي القرية البالغ عددهم ألفي نسمة الوصول الى ارضهم الواقعة خلف الجدار منذ اقامته عام 2006. وقال الاستاذ نافز ان السلطات تمنح اصحاب الاراضي تصاريح دخول الى ارضهم في موسم قطف الزيتون فقط، لكنها تحصر هذه التصاريح بمن يحمل اوراق ملكية للارض. واضاف ان التصاريح للعام الحالي حددت بأربعة ايام فقط في موسم الزيتون، تبدأ من السابعة صباحاً وتنتهي عن الرابعة عصرا. وفتح اهالي القرية ثغرة أسفل السياج للتسلل منها الى أراضيهم، وهي الثغرة التي حاول الطفل يوسف استخدامها للوصول الى ارض عائلته. وقال اهالي القرية ان عدداً من العمال المحرومين من الحصول على تصاريح للعمل في اسرائيل يتسللون من هذه الثغرة صباح كل يوم بحثاً عن فرصة للعمل في اسرائيل، وان الجيش الاسرائيلي غالباً ما ينصب كمائن على مقربة من الثغرة لاعتقالهم. وقال احد السكان: «عادة يقوم الجيش باعتقال المتسللين، لكن اليوم قرر ان يقتل، فكانت الضحية هذا الولد الصغير». وجاء مقتل يوسف بعد ايام قليلة من سقوط عدد من الفلسطينيين برصاص الجيش الاسرائيلي في عمليات ممثالة. ومن بين الضحايا قاض أردني من اصل فلسطيني (رائد زعيتر) قتله الجنود الاسبوع الماضي اثناء عبوره نقطة عسكرية اسرائيلية على مدخل الضفة. ومنهم الطالب في جامعة بيرزيت ساجي درويش الذي اصيب بعيار ناري قاتل في رأسه على مدخل قريته بيتين قرب رام الله. وقال والده المكلوم: «انهم يقتلون الناس من دون سبب. قبل ايام قتلوا قاضياً، لهذا مش (ليس) غريباً عليهم ان يقتلوا ابني، هذا الولد الصغير».