أكد خبراء أن إجمالي قيمة النقود التي يحتفظ بها المواطنون العراقيون حالياً، والذي يتجاوز 25 بليون دولار، يمكن أن يتضاعف في حال استثماره في شكل سليم، وجعل دورة رأس المال تتم عبر مشاريع تساهم في تحقيق التنمية المستدامة. وأشاروا إلى أن على القطاع المصرفي الحكومي والخاص، العمل وفقاً لاستراتيجية تأخذ في الاعتبار الحاجة إلى تغيير نوعي في نمط النشاط المصرفي. وأكد الخبير المصرفي رئيس «رابطة المصارف الخاصة العراقية» وديع الحنظل، أهمية «الإسراع بهيكلة القطاع المصرفي والتخلص من حالة الترهل التي يعانيها وأدت إلى فجوة على صعيد مواكبة التقنيات المصرفية العالمية». وقال في مقابلة مع «الحياة»: «من شأن إعادة هيكلة المصارف العراقية تفعيل النشاط الاقتصادي عبر توظيف السيولة النقدية الكبيرة المتوافرة لدى المواطنين في السوق الإنتاجية والاستثمارية وتوسيع رقعة العمل في قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة». وأضاف أن «إقرار قانون ضمان الودائع سيكون ضمانة لتشجيع المواطنين والمؤسسات المختلفة لإيداع ما هو محتفظ به من أموال في منازل المواطنين». وشدد على أن «توظيف 25 بليون دولار سيدعم موازنة الدولة التي تعاني تراجع مواردها المالية من انخفاض أسعار النفط عالمياً، وبالتالي يمكن أن يؤدي إلى تفعيل القطاع الاستثماري الذي يحتاج خدمات مصرفية متطورة ذات مرونة». وأشار إلى «الظرف الصعب الذي يمر به الاقتصاد العراقي، ما يتطلب علاجاً سريعاً قد يكون في مقدمه توفير التمويل للمشاريع التنموية والذي يحتاج إلى آليات إقراض سليمة تتضمن حقوق الأطراف المعنية بالتمويل من خلال تقديم الضمانات لغرض التسديد ومصادره، إضافة إلى ضمانات نجاح المشاريع المعنية بالتمويل». ولفت الحنظل إلى أن «التشديد على اعتماد الأتمتة في المصارف العراقية وفي استخدام التكنولوجيا، يشكل دافعاً للارتقاء بأداء القطاع وإبعاده عن الفساد الذي ينخر مؤسسات الدولة». وشارفت اللجنة المشكلة في البنك المركزي على إصدار لائحة تعليمات خاصة بإصدار الصكوك الإسلامية لجمع رؤوس أموال كبيرة وضخها في مشاريع استثمارية مدرة للدخل، لتكون بمتناول المصارف الإسلامية والحكومية والبنك المركزي وتدخل من خلالها الصيرفة الإسلامية إلى سوق رأس المال. وقال المدير العام ل «مصرف النهرين الإسلامي» عبدالحسين علي المنذري في تصريح أن «نجاح الصكوك الإسلامية بتمويل المشاريع والموازنات العامة، شجع الكثير من الدول على ادراج الإيرادات المقرر استخدامها عبر الصكوك الإسلامية في الموازنة». وأشار إلى أن «مثل هذه النشاطات يتطلب تنفيذ حملة ترويج وتعريف بخصوصيتها. ولفت إلى «الظروف الضاغطة على الاقتصاد العراقي والموازنة بسبب انخفاض أسعار النفط وكثرة أعداد المؤسسات ذات التمويل المركزي، وأعداد المتقاعدين والموظفين والمشمولين بالرعاية الاجتماعية التي تعتمد على موارد النفط بشكل كامل». وقال أن «مسؤولية المصارف الآن أصبحت أكبر من ذي قبل لتنشيط قطاعات الاقتصاد الأخرى عبر التمويل أو الاستثمار، لتساهم من خلال مسؤوليتها الاجتماعية في التقليل من حالات الفقر والبطالة». ولتحسين أدائها، عليها إعادة صوغ أهدافها بما يتناسب مع متطلبات المرحلتين الحالية والمقبلة وأهمها ما يتعلق بالمشاركة والتصرف الرشيد بالقروض التنموية المقدمة من قبل البنك المركزي، وتمويل المشاريع القائمة والباحثة عن التوسع، وكذلك تمويل المشاريع المتوسطة والصغيرة الجديدة المصحوبة بدراسة جدوى. ودعا إلى تأسيس مصارف أعمال، أسوة ببقية الدول، تتولى مسؤولية تنشيط قطاعات التنمية، والعمل على إعادة العمل بخطة الائتمان السنوية للمصارف وتخصيص مبالغ مهمة للإقراض تتوزع وفقاً لحاجة كل قطاع من قطاعات الاقتصاد المتنوعة وتتابع تنفيذها إدارات المصارف. يذكر أن المصارف العراقية، حالها حال مثيلاتها في الدول المصدرة للنفط، تواجه شحاً في السيولة النقدية وبدأت ودائع الجمهور لديها بالانخفاض وكذلك الودائع الحكومية، ما شكل سبباً في انكماش الإقراض لديها وانخفاض الأرباح السنوية، وأدى إلى توقف بعض الشركات والأفراد عن تسديد القروض التي بذمتهم نتيجة توقف الصرف على بعض المشاريع.