انتقد مسؤولون ووزراء بارزون في الحكومة الإيطالية تصريحات أدلى بها سفيرا الولايات المتّحدة وبريطانيا إلى صحف إيطالية حول طبيعة مشاركة إيطاليا في عمليات عسكرية محتملة في ليبيا. واعتبر رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الإيطالي بيار فيرديناندو كازيني، ما أدلى به السفير الأميركي في روما جون فيليبس حول «إرسال خمسة آلاف عسكري إلى ليبيا»، تصريحات «خارجة عن مألوف العرف الديبلوماسي»، فيما دعا وزير الخارجيّة الإيطالي باولو جينتيلوني إلى التعقّل في التعامل مع الملف الليبي، وقال في حوار نشرته معه جريدة «إل سولي 24»، إنه «ينبغي أن يكون واضحاً لدى الجميع بأن لا مسارات مُختصرة أو استعراض لعضلات. صحيح أن الوقت ضيّق، لكن لا بريق حرب يلوح على أبواب بلادنا. وحكومتنا مُدركة أخطاء الماضي وتعمل من أجل توفير الظروف المناسبة لتطبيع الأوضاع في ليبيا». وأضاف أن «على الحكومة الليبية الجديدة أن تتسلّم مهماتها وأن تسعى الى تحقيق أوسع مشاركة ممكنة». وأوضح: «يتعلّق الأمر بالنسبة إلينا في الحيلولة دون أن تغرق ليبيا في الفوضى وأن تتحوّل، على غرار ما حدث في الصومال، إلى دولة فاشلة على مسافة بضع مئات من الكيلومترات من الحدود الإيطالية». وتساءل وزير الخارجية الإيطالي: «هل حقاً هناك من يُفكّر في أنّ بالإمكان تثبيت الوضع في ليبيا عبر بعض الطلعات الجويّة؟ وأنا أتساءل بدوري هنا: أين كان هؤلاء في عام 2011؟ وهل هناك حقاً من يفكّر بأن قوات فرنسية وإنكليزية وإيطالية أو حتى قوات آتية من المرّيخ، قادرة على التحكّم في أرض امتدادها 1.6 مليون كيلومتر مربّع ويتواجد فيها ما يزيد على مئتي ألف مقاتل ينتمون إلى ميليشيات مختلفة؟». وكان رئيس لجنة العلاقات الخارجية (ورئيس مجلس النواب السابق) بيار فيرديناندو كازيني، أعرب عن عن دهشته واستغرابه لتصريحات أدلى بها سفيرا الولايات المتّحدة وبريطانيا في روما حول مشاركة إيطالية محتملة في عمليات عسكرية في ليبيا. وقال في حوار مع جريدة «لا ستامبا»: «أجد غريباً ومثيراً للدهشة والاستغراب تصريحات خارجة عن مألوف العُرف الدبلوماسي» أدلى بها سفيرا الولايات المتّحدة وبريطانيا في إيطاليا. وأضاف أنه «خارج عن المألوف أن نستمع إلى ما يُشبه بلاغات حرب يُدلي بها إلى صحف إيطالية ممثلون ديبلوماسيون لدول أخرى في روما. إنّ إيطاليا تعرف جيّداً ما عليها أن تقوم به، فأن تُرسَل فرق خاصة للقيام بعمليات مُحدّدة شيء، وشيءٌ آخر هو التدخّل العسكري في ليبيا، وهو ما سيعني إرسال شبابنا إلى المجهول وإثارة ردّة الفعل الليبي، لأن ذلك سيؤدي إلى نسيان داعش ووضعه في المقام الثاني وسيوحّد جميع الأطراف ويُنسيها خلافاتها، وستتوحّد ضد الاجتياح الأجنبي». وأضاف كازيني: «أرى خارجاً عن المنطق حقاً التفكير بإرسال خمسة آلاف رجل إلى أرض تنتشر فيه القبائل والجماعات الإسلامية والجماعات الإجرامية». وشدّد رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الإيطالي على أنّ «إلحاحنا على ضرورة ميلاد حكومة ليبية موحّدة ليست دعوة شكلية، بل هي ضرورة وليست محاولة لكسب الوقت». وفي السياق ذاته طالب وزير البنى التحتية الإيطالي، والمقرّب جداً إلى رئيس الحكومة ماتيو رينزي، غراتسيانو دي ريو، ممثلي الديبلوماسية المعتمدين في إيطاليا ب «احترام أكبر لسيادة قراراتنا الوطنية». وقال تعقيباً على تصريحات أدلى بها السفير الأميركي في روما جون فيليبس حول طبيعة المشاركة العسكرية الإيطالية في العمليات الحربية في ليبيا، إن «السفير الإيطالي في واشنطن لن يسمح لنفسه بالتصريح عن عدد الجنود الذين ينبغي على الولايات المتّحدة إرسالهم أو القاذفات دون طيّار التي عليها استخدامها». وكان السفير الأميركي في روما طلب تواجد خمسة آلاف عسكري إيطالي على الأرض الليبية، وقال ديل ريو في حوار مع قناة «سكاي» الإيطالية: «إذا كان علينا أن نلعب دوراً محورياً وقيادياً في هذا الإطار، فينبغي إبداء الثقة بما نقوم به، وعلاقات رينزي مع (الرئيس الأميركي باراك) أوباما جيّدة للغاية». في غضون ذلك، حطّت في مطار تشامبينو العسكري قرب العاصمة روما فجر أمس، الطائرة العسكرية التي حملت على متنها الرهينتين الإيطاليتين المحرّرتين في ليبيا جينو بولّيكاردو وفيليبّو كالكانيو، وكان في استقبالهما وزير الخارجية باولو جينتيلوني وأفراد أسرتيهما.