لم تقتصر الانتصارات الانتخابية لرجل الأعمال الأميركي دونالد ترامب على منافسيه من المرشحين لتمثيل الحزب الجمهوري على أعداد الناخبين الجمهوريين الذين اقترعوا له في الانتخابات التمهيدية التي شهدتها 15 ولاية أميركية حتى الآن وفي عدد المندوبين المؤيدين له الذين ضمن مشاركتهم في مؤتمر الحزب الجمهوري الصيف المقبل أو في استطلاعات الرأي اليومية التي تظهر تزايد التأييد له في أوساط فئات جديدة من الأميركيين وتحوله الى ظاهرة سياسية أميركية جديدة، بل سجل رجل الأعمال النيويوركي انتصارات مماثلة في الفضاء الالكتروني واستقطبت اهتمام ملايين المدونين في مواقع وصفحات التواصل الاجتماعي الاميركية، فانتشرت اخباره وتصريحاته وصوره وناقش مناصروه ومعارضوه تصريحاته ومواقفه وتداعياتها وما تثيره من مخاوف وهواجس لدى اخصامه في الحزبين الجمهوري والديموقراطي، وكذلك لدى الرأي العام الأميركي. وأظهرت مؤشرات النشاط الالكتروني على صفحات ومواقع التوصل الاجتماعي في الولاياتالمتحدة ان اسم ترامب تردد خلال الاسبوع الماضي وحده عشرات ملايين المرات في تغريدات وتعليقات و «لايكات» على «تويتر» و «فايسبوك». كما تشارك مئات آلاف المدونين على صفحاتهم الخاصة تغريدات المرشح المثير للجدل وتصريحاته. وأشارت هذه الاستطلاعات التي ازداد الاهتمام بها مع احتدام السجالات الانتخابية، الى تفاوت كبير جداً بين حجم الاهتمام الذي يحظى به ترامب في الفضاء الالكتروني وبين ما يحظى به المرشحون الآخرون. هذا الحضور الالكتروني القوي لترامب واستقطابه لاهتمام المدونين، جعلا من تغريداته وردود الفعل عليها مادة سجالية ومسار جدل وتعليقات مؤيدة ومنتقدة. واستدعت بعض تغريداته التي سخر فيها من شخصية المرشح المنافس ماركو روبيو خطاباً مطولاً استعان خلاله روبيو بهاتفه الذكي لقراءة تغريدات ترامب وتفنيدها والتعليق عليها بلغة ساخرة امام الآلاف من انصاره في احد المهرجانات الانتخابية التي سبقت انتخابات «الثلثاء الكبير» التي أسفرت عن فوز ترامب بسبع من اصل 11 ولاية. وقد تكون المخاوف التي أثارها هذا النصر الكبير الذي حققه ترامب لدى الحزب الجمهوري أكثر من المخاوف التي قد يثيرها التنامي المطرد لشعبية نجم تلفزيون الواقع لدى الحزب الديموقراطي. وربما العكس هو الصحيح. اي ان الديموقراطيين يفضلون مواجهة ترامب في الانتخابات الفاصلة في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل ويتوقعون ان تتمكن هيلاري كلينتون مرشحتهم الأوفر حظاً من التغلب عليه بسهولة. وتظهر استطلاعات الرأي أن تقدم دونالد ترامب بين المرشحين الجمهوريين يقابله تراجع كبير امام كلينتون على المستوى الوطني. والسبب هو استعداء فئات كبيرة من الأميركيين بسبب دعواته العنصرية لترحيل ملايين المهاجرين غير الشرعيين الى دول اميركا اللاتينية ومنع المسلمين من دخول الولاياتالمتحدة. وخلال الأيام القليلة الماضية أعاد آلاف المدونين نشر الصفحة الاولى من جريدة نيويوركية حرفت شعار حملة ترامب الانتخابية «لنجعل اميركا عظيمة» (make America great ) الى (make America migrate) «لنجعل اميركا تهاجر»، في اشارة الى حالة الهلع والخوف التي تثيرها فكرة وصول دونالد ترامب الى البيت الابيض وفوزه بالانتخابات الرئاسية. ورأت الصحيفة ان ملايين الاميركيين سيغادرون الولاياتالمتحدة ويبحثون عن وطن آخر في حال انتخاب ترامب رئيساً للبلاد. وعلى الأثر أعاد آلاف المدونين نشر تغريدة لأحد المسؤوليين في شركة «غوغل» أشار فيها الى تزايد عمليات بحث الاميركيين عن وطن بديل، وأفاد المسؤول في «غوغل» ان طلبات البحث عن إجابة على افضل طريقة للهجرة الى كندا تضاعفت نحو 400 مرة خلال الأيام الأخيرة تزامناً مع انتصارات ترامب الانتخابية.