لم تعد اللعبة الشهيرة التي تُعرف ب«البلوت» حكراً على الرجال وحدهم، فمصطلحات «صن» و«حكم» و«أشكل» باتت تردّد اليوم على ألسنة النساء أيضاً، فيما أسهم وجود عدد من مواقع الألعاب الإلكترونية في انتشار هذه اللعبة لدى الفتيات، إذ استطعن من خلالها اكتساب الخبرة في فنونها وأنظمتها. وتنسب الطالبة الجامعية عهود (22 عاماً) الفضل لتعلّمها أساسيات «البلوت» إلى أحد مواقع الإنترنت المتخصصة في هذه اللعبة، إذ كانت ترى أن «لعبة البلوت لغز محيّر، وأمر ظلّ يلفت انتباهها عندما كانت تشاهد والدها وأشقاءها يلعبونها ساعات من دون ملل، وترديدهم مصلحات وعبارات معينة مرتبطة بهذه اللعبة لم تكن مفهومة لها. ولم يقتصر اهتمام عهود بالبحث عن معلومات عن اللعبة في المواقع الإلكترونية وحدها، وإنما طلبت من والدها تعلميها كي تتقنها، على رغم تخوفها من طلب ذلك، باعتبار أن اللعبة تُعرف في أوساط الرجال أكثر، إلا أن والدها بدد كل تلك المخاوف عندما رحب برغبتها، وبدأ يدربها ويشرح لها كثيراً من العبارات الغامضة عليها، لتنضم بعد ذلك إلى فريق المنزل الذي ظلّ يمارس اللعبة أعواماً. أما الموظفة المصرفية ندى فظلّت تتعلم اللعبة على مدى أشهر، حتى نقلت التجربة إلى شقيقاتها وقريباتها وصديقاتها ليلعبنها معاً عندما يجتمعن، حتى أضحت معظم جلساتهن لا تخلو من «تربيعة البلوت» التي تستمر ساعات طويلة. وتقول: «لعبة البلوت أصبحت قاسماً مشتركاً في كل تجمعات العائلة والصديقات، إذ تعلو الأصوات من شدة الحماسة، فهذه اللعبة، وإن كانت تُعرف لدى الرجال أكثر، فإنها لم تعد حكراً عليهم وحدهم، فكثير من الأوساط النسائية أصبحت لا تخلو من وجودها، كونها تمتاز بالمتعة والتفاعل والتفكير». أما المعلمة هدى، فتقول: «اعتدت على ممارسة هذه اللعبة باستمرار، لما فيها من عوامل تسلية عدة، إذ تعلّمتها من زوجي قبل نحو ثلاثة أعوام، وأصبحت أمارسها مع صديقاتي اللائي تعلمّنها من طريقي، إذ نحرص بين فترة وأخرى على أن نجتمع ونتحدى بعضنا في لعبها». ويعود تاريخ «البلوت» عند العرب إلى أكثر من سبعة قرون، وتحديداً في القرن ال14 الميلادي، عندما دخلت من طريق المهاجرين الهنود في عهد الإمبراطورية العثمانية، وتنتشر اللعبة ذات الأصل الفرنسي بشكل كبير في دول الخليج العربي، وخصوصاً السعودية، وتعتمد طريقه اللعب على أسلوبين، هما «الصن، والحكم» تختلف بهما طريقة الحساب ووضعية الورق وترتيبه، وفي العادة يجلس المتنافسون على الأرض متواجهين، إذ تُلعب جميع الأوراق عدا ورقة «ست وما دون». وتشمل لعبة البلوت ما يعرف ب«المشاريع»، وهي عوامل مساعدة لكل فريق في رفع النقاط، ويتم اكتشاف المشاريع بعد توزيع الأوراق الثمانية، ويكشف الفريق صاحب المشروع الأكبر عن مشروعه بعد الدورة الأولى في حال كان هناك مشاريع للفريق المنافس، وللمشاريع عدد من الأنواع لكل نوع حساب خاص.