النظرة الخاطفة إليه لا توحي بمكانته... مجرد قطع صغيرة من فطر بدائي أقصر من سماكة شعرة واحدة لكن هذه البقايا الفطرية المتواضعة تحمل ميزة فريدة كونها أقدم أحفورة لكائن حي. ووصفت دراسة أحفورة فائقة الصغر لفطر ينمو تحت سطح الأرض يسمى «تورتوتوبوس» عاش في وقت كانت البحار تغمر الكرة الارضية، من خلال عينات من ليبيا وتشاد يتراوح عمرها بين 440 مليوناً و445 مليون سنة. وعثر العلماء في الاحفورة على شعيرات مثل الجذور يستخدمها الفطر لاستخلاص المغذيات من التربة. وفطر التورتوتوبوس أنبوبي يشبه بعض أنواع الفطر المعاصرة. ومهّد فطر التورتوتوبوس الطريق لنباتات أرضية وحيوانات بإطلاقه عملية التعفن وفي ما بعد تشكل التربة. وقال مارتن سميث عالم أشكال الحياة في العصور الجيولوجية السالفة (بليونتولجي) من جامعة دورهام البريطانية الذي أجرى البحث أثناء عمله في جامعة كامبريدج: «ببنائه تربة أعمق وأغنى وأكثر استقراراً، مهّد التورتوتوبوس الأرض حرفياً لنباتات خضراء أكبر ومركّبة أكثر حتى تمد جذورها وبالتالي تكون مصدر طعام للحيوانات، ما سمح بتطور النظام البيئي لكوكب الأرض». وتلك الاحافير التي اكتشفت في أماكن أخرى منها السويد وأسكتلندا وولاية نيويورك الأميركية تعكس البدايات المتواضعة للحياة على الأرض. وبينما كانت المحيطات في الأزمنة الغابرة تعج بالحياة، كانت اليابسة قاحلة خاوية.