تتابع مؤسسات البحوث رصد تغيّرات أسعار العقارات وبدلات الإيجارات في الإمارات، لا سيّما في إمارتي أبو ظبي ودبي، بعدما هزّت الأخيرة أزمة المال والاقتصاد العالمية وكبحت تطورها السريع ونموها المخيف. وتوقعت المؤسسات مزيداً من التراجع في أسعار العقارات في الإمارة خلال الأشهر القليلة المقبلة، في ترقبٍ إلى رحيل آلاف الوافدين الذين استغنت مراكز أعمالهم عن خدماتهم، جراء ضغوط الأزمة. ورجحت شركة «سيبي ريتشارد اليس» للخدمات العقارية، في تقرير صدر أمس، أن تهبط الإيجارات ومعدلات الإشغال في دبي في السنة الحالية، مع رحيل المغتربين عن الإمارة بعد انتهاء العام الدراسي. وشهد قطاع العقارات الذي كان مزدهراً في دبي، تراجعاً حاداً منذ مطلع السنة تجاوز 40 في المئة، بحسب تقديرات شركة «كولير» للاستشارات العقارية وأدى التراجع إلى إلغاء مشروعات ببلايين الدولارات والاستغناء عن وظائف. وأفادت «سيبي ريتشارد اليس» بأن «الانخفاض في الطلب على المساحات التجارية والتأجيرية، في أعقاب تراجع قوة العمل الأجنبية، سيكون له أثر كبير على الإيجارات ومعدلات الإشغال في جميع مناطق دبي. وأن إيجارات المكاتب في المناطق الممتازة انخفضت 18 في المئة، في الربع الأول مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي. وكانت المجموعة المالية «هيرميس»، توقعت في تقريرٍ أن يتراجع المقيمون في دبي خلال هذه السنة 17 في المئة، في ظل الاستغناء عن خدمات الموظفين. وأكد المدير المساعد للبحوث والاستشارات في شركة «سي بي ريتشارد إيليس الشرق الأوسط» مات غرين، أن سوق العقارات في دبي تشهد حالياً مرحلة تصحيح رئيسة في أسعار البيع والتأجير. وأن العقارات الجاهزة للإشغال تجتذب اهتماماً متزايداً من جانب المستثمرين الحقيقيين. وانخفضت الأسعار بالفعل في عقارات لتشكل فرص استثمار ممتازة. أما العقارات التي لا تزال على الخريطة، فأجرى أصحابها مراجعة في خططهم للدفع، وتعديلاً في حالات قليلة على الأسعار القديمة من أجل المحافظة على قاعدة العملاء وعلى تدفق ثابت في تمويل مشاريعهم. واعتبر غرين أن خروج المضاربين من السوق، يعني «مزيداً من اهتمام المستثمرين الحقيقيين والمستخدمين النهائيين وأموال الاستثمار مع التركيز على العقارات الجاهزة للإشغال أو المتوقعة أن تدخل السوق على مدى الإثني عشر شهراً المقبلة». وعلى رغم التحديات الاقتصادية الحالية، تواصل العاصمة الإماراتية أبو ظبي أداءها الطبيعي، ما يعود في شكل رئيس إلى استمرار النقص في الوحدات السكنية في كافة القطاعات. وفي حين تأخر إنجاز عدد قليل من المشاريع، فإن الإمارة استمرت في التزامها بالمشاريع الكبيرة مثل جزيرة السعديات والسواح وجزيرة الريم وجزيرة ياس، إلى جانب مصدر، (مشروع المدينة الخضراء الجديدة). وانخفضت تكاليف البناء 30 في المئة خلال الربع الأول من السنة ولاقت ترحيب المطورين الذين يتجهون الآن إلى بناء وحدات سكنية بأسعار توافق أصحاب الدخل المتوسط. وفي سوق المكاتب أدى التوسع الهائل السابق من جانب الشركات الدولية، إلى جانب النقص في إمدادات المكاتب إلى ارتفاع مستوى الإيجارات إلى حدود غير مسبوقة: الربع الثالث من عام 2008 - 465 درهماً للقدم المربعة في السنة. ودفع الاضطراب الاقتصادي الحالي شاغلي الوحدات السكنية إلى إعادة النظر في خططهم التوسعية.