تحرّك الريئس الصومالي شيخ شريف شيخ أحمد الإثنين بسرعة لإنهاء خلافات داخل برلمان الصومال بعدما وصلت تداعياتها إلى السلطة التنفيدية، في خطوة اعتبرها محللون «خطوة في وقتها»، بينما رأت المعارضة أنها محاولة أخرى «لتغطية الفشل» في حكومة لم تحقق منذ إنشائها العام الماضي أي إنجاز بارز. وكان الرئيس أحمد أمسك العصا من الوسط عندما أقنع رئيس البرلمان شيخ آدم مدوبي بالتنحي من منصبه بعد ساعات من المحادثات السرية، وأعلن في الوقت نفسه حل حكومة عمر عبدالرشيد علي شرماكي. وقال شريف في مؤتمر صحافي عقده في القصر الرئاسي في مقديشو: «علينا أن لا نشغل أنفسنا بخلافاتنا الداخلية بينما يوجد في البلد عدو عاقد العزم على اذية الشعب». واعتذر أحمد إلى الشعب عن الخلافات التي عصفت بالبرلمان منذ ما يزيد على عام. وكان مدوبي الذي جلس بجانب الرئيس في المؤتمر الصحافي، قد أعلن الأحد من دون أي حقيقة أن البرلمان قد سحب ثقته بشرماكي، مطالباً الرئيس أحمد بتعيين رئيس وزراء جديد يعيّن من جانبه الوزراء - الأمر الذي أغضب رئيس الوزراء الذي قال إن مدوبي «لا يستطيع أن يطيح حكومة وهو في بيته». وكادت هذه الخلافات بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية أن تدخل إدارة أحمد في أزمة في غني عنها بخاصة وهي تحارب حركات إسلامية مسلحة عازمة على خلعها. ويقول محمود عولوسو، رئيس مركز التطوير والحكم الصومالي، «إن هذه الخطوة تعطي الرئيس فرصة يستطيع أن يظهر من خلالها رئاسته وأن لديه قدرة اختيار رئيس وزراء قادر على التحدث مع الجماعات المعارضة». إلا أن المعارضة لا ترى أن تغيير حكومة شرماكي بأخرى تحت قيادة أحمد هو شيء ذو جدوى أو أنه سيحل مشاكل الصومال. ويقول زكريا حاج محمود، العضو البارز في «تحالف إعادة تحرير الصومال»، إن «على المجتمع الدولي أن لا يراهن كثيراً على حكومة فاشلة ليطيل معاناة الشعب». وتساءل محمود، الذي يعيش في لندن، عن جدوى «تمسك المجتمع الدولي بالفشل»، قائلاً: «لماذا تتمسكون بحكومة فاشلة بينما الصوماليون يقتلون يومياً؟». وتعود المشكلة التي عصفت البرلمان الصومالي - المكوّن من 550 عضواً والمعروف بجدله العقيم حول مدة انتهاء رئيسه من عدمه، وبدعم أعضائه لأحد أطراف الخلاف في الحكومة كلما نشب خلاف في وجهات النظر بين قادة الكبار - إلى عدم تنفيد بنود اتفاق جيبوتي في عام 2008 الذي دعا إلى تغيير وانتخاب القادة الثلاثة الكبرى في البلاد، مثل رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية ورئيس البرلمان. وكشف نواب في البرلمان ل «الحياة» أن المجتمع الدولي منعهم من تغيير رئيسهم بدعوى أن هذا الأمر ينطوي على مخاطر التسبب في خلافات داخل البرلمان، ولذا ترك مدوبي في منصبه على رغم انتهاء ولايته بعدما صادق البرلمان على اتفاق الحكومة والمعارضة في كانون الأول (ديسمبر) 2008 في مدينة بيدوا. بيد أن الصيحات الداعية إلى ترك مدوبي لمنصبه لم تتوقف منذ ذلك العام حتى وجدت المحل المناصب لتحقيقه يوم الأحد عندما اجتمع البرلمان في مقره الجديد للمرة الأولى في هذا العام. وكشف عمر إسلو محمد، أحد البرلمانيين الداعين إلى إسقاط مدوبي، ل «الحياة» أنه كان لدى كثيرين من النواب الحاضرين نية لاستغلال جلسة الأحد لتحويلها إلى مشادات ومهاترات، الأمر الذي يسمح لرئيس البرلمان بمغادرة الجلسة، الأمر الذي حصل بالفعل. إذ قام جل النواب على أقدامهم عندما بدأ مدوبي بإلقاء كلمة الإفتتاح، مرددين «لا نريد آدم مدوبي! لا نريد من لا يريد القانون!». وبعد أكثر من ساعتين من الصخب والضحيج، أمر مدوبي الصحافيين بالخروج من الجلسة، وبعدها بقليل خرج من المبنى واتجه إلى بيته في القصر الرئاسي، حيث أعلن للصحافيين أن البرلمانيين سحبوا ثقتهم من الحكومة، الأمر الذي قال البرلمانيون إنه لم يحصل بالفعل. وواصل البرلمانيون مداولاتهم بعد ذهاب مدوبي حتى انتخبوا رئيساً موقتاً جديداً لهم يدعى حاج شكري شيخ أحمد الذي ولد في عام 1925 وهو أكبر عضو لحين انتخاب رئيس جديد.