أبصر الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) النور في ال21 من أيار (مايو) 1904 في باريس، وتشكلت الهيئة التأسيسية من سبع دول، هي فرنسا، والدنمارك وبلجيكا، وهولندا، وإسبانيا، والسويد، وسويسرا. وشوهت التاريخ العريق ل«فيفا» فضائح الفساد التي تضربه منذ أشهر، وأدت إلى اعتقالات بالجملة لمسؤولين بارزين فيه، فرضت إجراءات انتخاب جديدة مقررة غداً (السبت)، وتبني إصلاحات أملاً باستعادة الثقة والهيبة. يعود الفضل في ذلك إلى الجهود التي بذلها الفرنسي روبير غيران والهولندي هيرشمان اللذان اعتبرا أن تنظيم شؤون الأسرة الكروية وضمها إلى هيئة واحدة أمر ضروري، فكانت ولادة الاتحاد الدولي وعين غيران أول رئيس له. حاول غيران الحصول على دعم إنكلترا كونها مهد كرة القدم، لكنه فشل في مسعاه لأنها اعتبرت خطوته انتقاصاً من وزنها في اللعبة، فقاطعت الاتحاد قبل أن تنضم إليه في العام التالي. وكادت الحرب العالمية الأولى تقضي على الاتحاد الدولي لكن العاصفة مرت، ثم عرفت كرة القدم طريقها إلى دورات الألعاب الأولمبية عام 1920 في مدينة انتورب البلجيكية. ولئن شهدت المسابقة نجاحاً وإقبالاً جماهيرياً، فأنها لم تخل من مشكلات سببها إشراك بعض المنتخبات لاعبين محترفين وهو ما كان منافياً لروح الألعاب الأولمبية الحديثة، التي كان وراؤها الفرنسي بيار دي كوبرتان، واضطر الاتحاد إلى استبعاد ثلاث دول، هي تشيكوسلوفاكيا، والنمسا، وإنكلترا، فقاطعت الأخيرة «فيفا» من جديد قبل أن تعود إلى أحضانه عام 1924، لكن شهر العسل لم يدم طويلاً فانسحبت ولم تعد إلى كنفه هذه المرة إلا عام 1946. وفي هذه الأثناء تزايد عدد أعضاء الاتحاد وبلغ 41 بلداً عام 1930. وبعد النجاح الذي حققته اللعبة في أولمبيادي 24 و28، بدأ الاتحاد الدولي يفكر جدياً في تنظيم بطولة عالمية خاصة به، فعقد اجتماعاً في امستردام عام 1928 برئاسة الفرنسي جول ريميه وتقرر إطلاق مسابقة كأس العالم وحدد عام 1930 موعداً لها فأقيمت في الأوروغواي. وإثر النجاح المنقطع النظير، الذي عرفته الدورات الأولى والثانية والثالثة، عقد الاتحاد الدولي اجتماعاً عام 1946 وأطلق اسم جول ريميه على الكأس تقديراً للجهود التي بذلها في إطلاق البطولة. وراحت قوة الاتحاد الدولي تتنامى شيئاً فشيئاً حتى أطلق عليه لقب «الأممالمتحدة لكرة القدم» وأكبر إمبراطورية في التاريخ، وصارت كرة القدم لغة تواصل وإحدى الأدوات التي تظهر تقدم هذا البلد أو ذاك. وفي بداية الخمسينات، زاد عدد الدول المنتسبة إلى الاتحاد الدولي بعد تأسيس الاتحادين الآسيوي والأوروبي عام 1954، علماً بأن الاتحاد الأميركي الجنوبي تأسس عام 1916، والاتحاد الأفريقي عام 1956، واتحاد الكونكاكاف (أميركا الشمالية والوسطى والبحر الكاريبي) عام 1961. وأصبح الاتحاد الدولي مؤسسة ترعى شؤون اللعبة من جوانب عدة، فهناك لجان للمالية والأخلاق والانضباط والحكام والإعلام والتطوير. ويعقد الاتحاد كل سنتين اجتماعاً يدرس فيه آخر التطورات وإدراج قوانين جديدة. ويضم الاتحاد الدولي حالياً 209 اتحادات وطنية، ويشرف على مسابقات عدة، لعل أبرزها إلى كأس العالم: الدورات الأولمبية، وكأس العالم للشباب، وكأس العالم للناشئين، وكأس العالم للسيدات، وكأس العالم داخل قاعة مقفلة، وكأس العالم للأندية. ويتخذ الاتحاد الدولي من زيوريخ (سويسرا) مقراً له منذ عام 1932. ودشن «فيفا» مقره الجديد عام 2007، بلغت كلفته الإجمالية 150 مليون دولار، وهو مجمع ضخم مصنوع بمجمله من الزجاج في الواجهة الخارجية له. ويتضمن المبنى خمسة أدوار تحت الأرض وقاعة رياضة، وأخرى للتأمل، وحديقة وملعب كرة قدم حقيقي. تحول «فيفا» من مؤسسة تضم 11 عاملاً بدوام كامل عام 1975 إلى منظمة ضخمة يعمل فيها حالياً حوالى 400 شخص.