«إف 2014» رحلة عبر زمن ومحطات راسخة في تاريخ الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، فيلم يصوره فريدريك أوبورتن، سيناريو جان بول دلفينو، وينتظر أن يعرض في الصالات بدءاً من أيار (مايو) المقبل، أي قبل شهر من موعد انطلاق كأس العالم في البرازيل وانعقاد الجمعية العمومية للاتحاد الدولي، ويعتبره مخرجه ملحمة «فيفا»، من دون أن ينحصر بكرة القدم. يتناول الفيلم قصة تبدأ في 1902 أي قبل عامين من تأسيس الاتحاد الدولي، وتنتهي مع الاحتفالات بالعيد المئوي في 2004. هي قصة رجالات أرسوا مؤسسة نجمتها المشرقة بطولة كأس العالم. مزج بين مشاهد مصورة في أماكن مختلفة، ومشاهد أعيد تركيبها استناداً إلى الأرشيف، أو لقطات حقيقية منه تستخدم في سياق حبكة الفيلم وتطورات وقائعه. وتتطرق القصة إلى اجتماعات أمستردام على هامش الدورة الأولمبية في 1928، وتحرك المعنيون في «فيفا» لإطلاق مسابقة أو بطولة تسمح للاعبين المحترفين خوضها على عكس المنافسات الأولمبية، وقد ولدت بعد عامين النسخة الأولى من المونديال. أوبورتن الشغوف بكرة القدم و«المناخ» الذي يفيض منها «تراجيديا حياة»، يسعى إلى رواية التاريخ والعالم من خلال اللعبة الشعبية الأولى، مسلطاً الضوء على دور «مجموعة مثاليين حاولوا توحيد الشعوب في مطلع القرن ال20». قبل جول ريميه الذي حملت كأس العالم اسمه، والذي خاض معارك في الحرب العالمية الأولى، ووجد في المونديال وسيلة لإرساء السلام العالمي، فكر روبير غيران (يلعب دوره الإنكليزي نيكولاس غليفز) الصحافي في «لوماتن» الذي ترأس الاتحاد الدولي عام 1904 في تنظيم كأس قارية جامعة، وكان معجباً بكرة القدم الإنكليزية، وعبر المانش لإقناع «مخترعي كرة القدم الحديثة» بالانضمام إلى مشروعه لكنه لقي استقبالاً بارداً. وعلى ملاعب مدرسة «بوليتكنيك» في باليزو أعيد تشييد مدرجات شبيهة بالموجودة في الملاعب الإنكليزية وقتذاك، لتصوير مشاهد تعود إلى تلك الحقبة. كما صورت مشاهد عن حقبة تأسيس الاتحاد الدولي، لاسيما الاجتماع الذي عقد بتاريخ 21 أيار (مايو) 1904 في الشقة الواقعة في 229 شارع سان هونوريه بباريس، بحضور مندوبي بلجيكا وسويسرا وهولندا وفرنسا. ويجسد الفرنسي جيرار ديبارديو شخصية ريميه الذي ترأس الاتحاد الدولي بين العامين 1923 و1954، بينما يؤدي النيوزيلندي سام نيل شخصية البرازيلي جواو هافيلانج، وتيم روث شخصية جوزف بلاتر. ويعتبر «فيفا» منتجاً مساعداً في هذا الفيلم، تعاون إيجابياً وفتح خزائن وثائقه في زيوريخ، وهي «كنز يجمع الحقيقة بالخيال» على حد تعبير أوبورتن، الذي لفت إلى أن الاتحاد الدولي يشرف على مراحل التصوير ل«ضمان الحقائق التاريخية»، علما بأن العمل ليس استقصائياً، لكنه يضيء على تفاصيل ومحطات مثل إقالة بلاتر لأمينه العام زفن روفينن بعد الجمعية العمومية في سيول 2002، إثر انتقاده لنهجه. يعتبر ديبارديو أن ريميه وصل إلى أهدافه بهدوء «على رؤوس أصابعه، وحمل اللعبة إلى آفاق لا متناهية، فبلغت بفضل جاذبيته حجماً لا يقارن. ويصفه أوبورتن ب«ستيف جوب كرة القدم»، فحين زار أميركا الجنوبية عام 1950 استقبل استقبال الأبطال. لكن هل استلهم المخرج في عمله فيلم «عربات النار» الذي يروي قصة العدائين الأولمبيين هارولد إبراهامز وإيريك ليدل؟ لا ينكر أوبورتن أن المضمون العام يتناول قصصاً إنسانية وانفعالات، «هو فيلم عن القوة والسلطة والشغف». ويستفيد العمل من أرشيف «حي» غني متضمناً مثلاً شريطاً لرحلة منتخبات رومانياوبلجيكا وفرنسا على متن الباخرة «كونت فيردي» إلى أوروغواي عام 1930، والتي استغرقت أسبوعين، لخوض النسخة الأولى من المونديال. والهستيريا الجماهيرية في مونديال عام 1950 في البرازيل، حيث كان مليون شخص يحتفلون في الشارع. ومونديال الأرجنتين 1978 «موشحاً» بمشاهد للجنرال خورخي فيديلا الحاكم العسكري الذي تسلم السلطة إثر انقلاب على الرئيسة إيزابيلا بيرون، يسلّم منتخب بلاده كأس العالم. كما لا يغفل الفيلم «مباراة الموت» التي جمعت في كييف عام 1942 إف سي ستارت الذي يضم لاعبين قدامى في فريق دينامو مع جنود وطيارين في سلاح الجو الألماني. ويلخص أوبورتن هذه «الملحمة» بأنها «مزيج من أجواء جون هيوستن وديفيد بيكهام».