احتدمت المواجهات في أنحاء مختلفة من سورية أمس، وسط شن غارات عنيفة على مناطق عدة، بينها حماة، وإلقاء 50 «برميلاً» على داريا قرب دمشق، عشية بدء سريان «وقف العمليات العسكرية» بحسب الاتفاق الذي توصلت إليه الولاياتالمتحدة وروسيا. وتركّز القتال في ريف حلب الجنوبي الشرقي حيث استعاد النظام بلدة خناصر الاستراتيجية وكان يحاول حتى المساء إكمال طرد تنظيم «داعش» من قرى وتلال قريبة تمهيداً لإعادة فتح طريق الإمداد المقطوع منذ أربعة أيام بين وسط البلاد وشمالها. وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» الرسمية صباح أمس، أن قوات الجيش النظامي «أعادت الأمن والاستقرار إلى بلدة خناصر بريف حلب الجنوبي الشرقي بعد القضاء على آخر تجمعات إرهابيي تنظيم داعش»، علماً أن التنظيم استولى على البلدة يوم الثلثاء في إطار هجوم مفاجئ بدأ قبل ذلك بيوم وتسبب في قطع طريق الإمداد بين قوات النظام في حماة (وسط) وبين مناطق سيطرتها في حلب (شمال). وتُعتبر هذه الطريق التي تمر عبر مناطق صحراوية بين إثريا وخناصر، شريان حياة لمناطق النظام في محافظة حلب. وأورد «الإعلام الحربي» التابع ل «حزب الله» والذي يقاتل إلى جانب النظام، أن «استعادة بلدة خناصر... جاءت بعد تقدم قوات الجيش السوري المتواجدة جنوب البلدة من جهة إثريا، وبالتالي يبقى الطريق مقفلاً من مقطع خناصر- رسم النفل، أي من الجهة الشمالية لخناصر. ويتابع الجيش عملياته في هذا المقطع لتأمين كامل الطريق». أما المرصد السوري لحقوق الإنسان، فأشار من جهته، إلى «استمرار الاشتباكات العنيفة بين قوات النظام ولواء القدس الفلسطيني ومسلحين من جنسيات سورية وغير سورية» وبين عناصر «داعش» في محيط «تلال قريبة من بلدة خناصر في محاولة من قوات النظام لإعادة فتح الطريق البري بين البلدة ومدينة حلب، والواصل إلى مناطق سيطرة قوات النظام في وسط وغرب سورية». وأضاف أنه ارتفع إلى 65 عدد عناصر اللواء المبايع لتنظيم «داعش» الذين قتلوا منذ ثلاثة أيام خلال الهجوم والسيطرة على خناصر وخلال الغارات المكثفة من الطائرات الروسية على مناطق فيها. كذلك أوردت «شبكة شام الإخبارية» (المعارضة) أن قوات النظام دخلت صباحاً خناصر بعد «معارك عنيفة» دارت ليلاً شن خلالها الطيران الروسي عشرات الغارات دعماً للجيش النظامي. وتابعت «أن طرق إمداد مدينة حلب عبر طريق خناصر ما زال مقطوعاً ... إذ إن القرى الواقعة بين خناصر ورسم النفل ما زالت بيد عناصر التنظيم وهي قرى الراهب، الرويهب، الشلالة، الحبس، الهربكية، القرع وتلتها». وفي محافظة اللاذقية الساحلية، قال المرصد إن «معارك الكر والفر» تتواصل بين «غرفة عمليات قوات النظام» التي يقودها ضباط روس وبين فصائل معارضة عدة مثل «الفرقة الأولى الساحلية» و «حركة أحرار الشام الإسلامية» و «أنصار الشام» و «الفرقة الثانية الساحلية» و «الحزب الإسلامي التركستاني» و «جبهة النصرة»، موضحاً أن قوات النظام تمكنت من التقدم مجدداً والسيطرة على مناطق جديدة في عدة محاور بجبلي الأكراد والتركمان في ريف اللاذقية الشمالي، بعدما كان المعارضون نجحوا صباحاً في استعادة قريتي الدرة والصراف خلال «هجوم معاكس» شنّوه على مواقع القوات الحكومية. وأضاف أن النظام خسر مقاتلين إثنين والمعارضة ستة بين قتيل وجريح نتيجة استهداف آليتهم بصاروخ حراري في جبل التركمان. ولفت إلى أن المعارضة استهدفت أيضاً بقذائف صاروخية تمركزات النظام في بلدة كنسبا. ونقلت «رويترز»، في هذا الإطار، معلومات عن تكثيف الطيران الروسي قصفه على ريف اللاذقية الشمالي، تمهيداً لإكمال قوات النظام سيطرته على معظم المنطقة قبل حلول موعد «وقف العمليات العسكرية». أما في وسط البلاد فقد أشار المرصد إلى أن طائرات حربية شنّت غارات عنيفة على ريف حماة الشمالي حيث استهدفت 17 غارة بلدة اللطامنة وحدها. فيما قصفت المروحيات بستة براميل متفجرة قرية تيرمعلة بريف حمص الشمالي. وتزامن ذلك مع اشتباكات بين قوات النظام وبين تنظيم «داعش» في محيط مدينة القريتين بريف حمص الجنوبي الشرقي، ومنطقة البيارات غرب مدينة تدمر بريف حمص الشرقي. وفي محافظة دمشق، ذكر المرصد أن طائرات حربية نفذت غارتين على حي جوبر حيث قُتل عنصر من الفصائل الإسلامية في اشتباكات مع قوات النظام. أما في ريف دمشق، فقد أفيد بأن طائرات حربية أغارت على محيط مخيم خان الشيح بالغوطة الغربية، وعلى بلدة عين ترما بالغوطة الشرقية، فيما قُتل عنصر من الفصائل الإسلامية في اشتباكات مع قوات النظام في محيط مدينة داريا بالغوطة الغربية والتي قالت الحكومة السورية إنها مستثناة من اتفاق «وقف العمليات العسكرية» بسبب وجود «جبهة النصرة» فيها، وهو أمر نفاه معارضون. وأكد المرصد أنه ارتفع الى 50 عدد البراميل المتفجرة التي ألقتها طائرات النظام المروحية على داريا خلال الساعات القليلة الماضية. في غضون ذلك، قال المرصد إن اشتباكات تدور منذ الفجر بين الفصائل الإسلامية والمقاتلة من جهة، وتنظيم «داعش» من جهة أخرى، في قرية كفير الزيت بوادي بردى، ما أسفر عن أسر ما لا يقل عن 12 عنصراً من التنظيم. وفي درعا بجنوب سورية، قال المرصد إن طائرات حربية يُرجّح أنها روسية نفّذت 8 غارات على أطراف مدينة أنخل من جهة تل المطوق. أما في محافظة الحسكة (شمال شرقي سورية)، فقد تجددت الاشتباكات بين «قوات سورية الديموقراطية» وتنظيم «داعش» في محيط قريتي عدلة الشمالية وعدلة بمنطقة الشدادي في الريف الجنوبي، وسط تقدم ل «سورية الديموقراطية وسيطرتها على المنطقة»، بحسب تقرير للمرصد. وأورد المصدر ذاته معلومات عن حركة نزوح لمواطنين من مناطق سيطرت عليها «قوات سورية الديموقراطية» أخيراً في ريف الشدادي. وفي محافظة دير الزور المجاورة، أكد المرصد أن «داعش» أعدم رجلاً بتهمة «تقديم أدلة كاذبة على عمالة شخص للنظام والتسبب في إعدامه». وأشار إلى أن التنظيم أعدم الرجل عند دوار النادي في مدينة الميادين بريف دير الزور الشرقي، وذلك بقطع رأسه بسيف «وسط تجمهر عشرات المواطنين بينهم أطفال».