أكدت باحثات متخصصات في الشؤون الأسرية والإصلاح الاجتماعي خلال ورشة عقدت في المدينةالمنورة أخيراً تحت عنوان «المشكلات الأسرية الانحرافية..الأسباب والآثار والعلاج» سعيهن إلى رسم خطة إستراتيجية وطنية لحل المشكلات الأسرية الانحرافية كافة، لتكون منطلقاً لوقاية المجتمع وحمايته من ظاهرة العنف الأسري التي باتت تؤرق أطيافه وتهدد أمنه. بدورها، أكدت مديرة الحماية في القسم النسائي في وزارة الشؤون الاجتماعية الدكتورة موضي حمدان الزهراني ل «الحياة» أنه ومن واقع احتكاكها الفعلي مع حالات العنف الأسري في منطقة الرياض منذ عام 1425 (وهو نفس التاريخ الذي أنشئت فيه الإدارة العامة للحماية الاجتماعية في وزارة الشؤون الاجتماعية) تكشفت لها جروح عدة، غائرة في الواقع الأسري، غالبيتها ملامس لجانب المرأة. وقالت: «كانت الصورة في البداية غير واضحة بالنسبة للمرأة المعنفة حول كيفية المطالبة بحقوقها الشرعية، وحماية نفسها من التعرض للإيذاء بأنواعه المختلفة، وحماية أسرتها من العيش تحت مظلة الذل والاستغلال، إضافة إلى أن الثقافة الحقوقية لدى كثير من فئات المجتمع محدودة الوعي، إذ كان يسيطر على المرأة هاجس الخوف في المطالبة بحقوقها خوفاً من النتائج وردود الأفعال». وكشفت الزهراني ضعف دور الجهات الأمنية في متابعة وتقصي درجة العنف الواقع على المرأة أو أي فرد من الأسرة، «لم تكن بتلك الحماسة التي كنا نتوقعها في ذلك الوقت تجاه شكوى امرأة لسبب الثقافة الذكورية المسيطرة حينها حتى على رجال الأمن المكلفين بحماية الضحايا بغض النظر عن جنسهم». وبينت مديرة الحماية في القسم النسائي في وزارة الشؤون الاجتماعية أن دور الجهات القضائية كان مغيباً سابقاً لدى كثير من النساء في تفعيل الأحكام التشريعية، ويشوبه البطء في بت قضايا العنف الأسري وذلك لأسباب عدة، منها: عدم التفرغ لمعالجة هذه القضايا، لكن لا يعني ذلك تهميش دور إمارة منطقة الرياض الذي كان مميزاً وملموساً في تنشيط أدوار كثير من الجهات الأمنية في متابعة قضايا العنف الأسري ومساندة لجنة الحماية في مرئياتها تجاه أي حال تتعرض للإيذاء. موضحة أنه بعد صدور القرارات الرسمية، مثل قرار وزير الداخلية بتفعيل أدوار الجهات في تقصي ومعالجة الحقائق، وبعد صدور قرارات مجلس الوزراء عام 1429 في الاهتمام أكثر بحالات العنف الأسري وتفعيل الأدوار، بدأت الصورة الضبابية تميل إلى الوضوح والجدية في العمل واتباع المصلحة لدفع الأذى عن المعتدى. وخلصت الزهراني إلى أن تجاهل المشكلات الأسرية لسنوات طويلة قبل تفعيل دور الجهات المعنية وقنوات الاتصال أدى إلى تحولها مع مرور الوقت إلى مشاكل انحرافية أو جنائية. فهناك مثلاً خوف المرأة من الطلاق الذي يملك عصمته الرجل الذي يمثل دافعاً كبيراً للعنف الأسري، إلى جانب ازدياد حالات هروب الفتيات، والتحرش الجنسي بالأطفال، وارتفاع معدلات زنى المحارم، وتعاطي المخدرات، وانتشار الأمراض النفسية، فكثير من هذه الحالات لا تملك الأسر الوعي الكامل للتعامل معها بشكل جدي يسهم في احتوائها وذلك للقصور الملموس في تثقيف المجتمع حول هذه المشكلات وفتح الحوار حولها بشكل واضح وصريح.