تنتظر الدول المنتجة والمستهلكة للنفط وشركات النفط العالمية، خصوصاً النفط الصخري في الولاياتالمتحدة، الخطاب الذي سيلقيه وزير النفط السعودي المهندس علي النعيمي أمام مؤتمر «سيراويك» في هيوستن الثلثاء، وسيرسم من خلاله سياسة المملكة في النفط ورؤيتها للمبادرات العديدة التي تقوما بها دول في «أوبك» وخارجه. وتوقع خبراء أن يحاول الوزير التأكيد على ثوابت المملكة في أسواق النفط، إضافة إلى كسب الشركات النفط الأميركية إلى وجهة النظر السعودية في ظل الأزمة الحالية. وأوضحوا أن المهندس علي النعيمي خبير من الطراز الأول في مجال النفط، سيطرح على صناع القرار في شركات النفط الأميركية، والعالمية، التعاون بين المنتجين في جميع دول العالم لما يحقق الاستقرار لأسعار النفط في العالم، وإنهاء الأزمة الحالية التي تعيشها الأسواق. وأكد الدكتور محمد الجعفر، أن رؤية السعودية في الأسواق النفطية الحالية عكسها الوزير النعيمي أكثر من مرة، ولعل اللقاء الأخير الذي عقد في العاصمة القطرية، وضم الجانب الروسي للمرة الأولى، يؤكد موقف المملكة الحريص على الوصول إلى أسعار مناسبة للجميع ومن دون أن يكون ذلك على حساب أحد. وأشار إلى أن الشركات المنتجة للنفط الصخري والدول المنتجة من خارج «أوبك» تطالب المنظمة بخفض الإنتاج، بينما هي تعمل على زيادة إنتاجها والقضم من أسواق الدول النفطية، وهذا ما لا ترضاه دول مثل المملكة، وأعلنه الوزير النعيمي صراحة، وكذلك بعض الوزراء الآخرون الذين يخافون على حصص بلدانهم في السوق. وأسفر الاتفاق المفاجئ في الاسبوع قبل الماضي بين السعودية وقطر وروسيا وفنزويلا، والذي يقضي بتجميد الانتاج عنذ مستويات كانون الثاني (يناير) قرب مستوياته القياسية عن دعم للسوق وانهى مزيج برنت الاسبوع عند 33 دولاراً للبرميل، في حين استقر الخام الاميركي في ختام الاسبوع عند مستوى يقل عن 30 دولاراً للبرميل. وأكد الجعفر أن الأسعار ستثبت عندما يقتنع جميع المنتجين بضرورة التعاون في المحافظة على الإنتاج، مبيناً أن الأسواق تنتظر عملياً أفعال إيرانوالعراق، وكلاهما يعلن عن رغبته في زيادة إنتاجه، إذ لن يكفي الترحيب فقط، فإيران تريد أن ترفع حصتها 500 ألف برميل خلال الفترة المقبلة، وكذلك العراق الذي لم يقطع بأي تعهدات في ظل أزمة خانقة تعيشها حكومته بسبب تردي مداخيل النفط، إضافة إلى مصاريف الحرب التي يعيشها مع تنظيم «داعش»، وتستنزف جزءاً كبيراً من موازنته. من جانبه، أوضح الدكتور علي القحطاني، أن منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) مستعدة للتعاون في خفض الإنتاج، وهذه الحقيقة سيعكسها الوزير النعيمي على المسؤولين في شركات النفط العالمية، إضافة إلى أنه سيدافع عن قرار المملكة في شأن حصتها في السوق، وحرصها على المحافظة على مصالحها، مبيناً أن الوزير لن يدخل في منافسة بين النفط التقليدي أو الصخري أو الرملي، لقناعة المملكة بأن الجميع له الحق في الحصول على حصة من السوق، والتأكيد بأن المملكة لم تتخذ أي قرار بناء على خشيتها من المنافسة مع شركات النفط الصخري، وأنها لا تسعى إلى الإضرار بأحد. وأشار إلى أن المزاج داخل منظمة «أوبك» يتحول إلى توافق متزايد على ضرورة التوصل إلى قرار بشأن كيفية دعم الأسعار، مدعوماً بوجهات نظر روسية ترى الحاجة ماسة لاتخاذ إجراء مشترك للسيطرة على أسعار النفط العالمية، وهو المطلب الذي أعلنته المملكة منذ بداية انهيار الأسعار قبل نحو عام. وأضاف أن الكثيرين لا يسعدهم التوافق بين الدول المنتجة حيال الأسعار، لأنهم يريدونها أن تستمر في الانخفاض، فيما سيحاول الوزير النعيمي أن يؤكد استمرار سياسة المملكة الدائمة في المحافظة على توفير الطاقة والمصدر الآمن منذ أن بدأ تصدير النفط منها، وأنها حريصة في الوقت نفسه على مصالحها، ولها الحق في اتخاذ الإجراءات التي تراها مناسبة لحفظ هذا الحق. ومؤتمر «سيراويك» في هيوستن من أهم المؤتمرات في قطاع النفط في الولاياتالمتحدة، وكانت اخر مرة تحدث فيها النعيمي في «سيراويك» قبل سبعة أعوام حين خفضت أوبك الانتاج دعم الأسعار التي هوت إلى 40 دولاراً للبرميل وسط الازمة المالية العالمية، ولام حينها المضاربين وحملهم مسؤولية هبوط الأسعار. كما ان المؤتمر سيكون أول مناسبة عامة يشارك فيها النعيمي في الولاياتالمتحدة منذ أن وجهت السعودية منظمة أوبك لتبني قرار في تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 بالابقاء على مستويات الانتاج. يذكر أن الحدث الأهم منذ بداية الأزمة هو اتفاق السعودية وقطر وروسيا وفنزويلا أخيراً في العاصمة القطرية على تجميد الإنتاج عند مستويات شهر كانون الثاني (يناير) طالما حذا الآخرون حذوهم. وهدفت الخطوة إلى دعم أسعار النفط المتهاوية منذ أشهر،إذ انخفضت الأسعار بنحو 70 في المئة منذ أن وصلت ذروتها في حزيران (يونيو) 2014 حين بلغ سعر البرميل 116 دولاراً. وتراجعت الأسعار بسبب زيادة الانتاج وضعف الطلب ومخاوف بشأن الاقتصاد العالمي. وأكد النعيمي أن تجميد الانتاج عند مستويات يناير كاف للسوق، ولا نريد تقلباً كبيراً في الأسعار، بل نريد تلبية الحاجات، نريد أسعار نفط مستقرة».