أسفر الاعتداء الأخير الذي استهدف العاصمة التركية أنقرة الأربعاء الماضي، عن مقتل 28 شخصا، واتهم رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو «وحدات حماية الشعب الكردية» في سورية بتنفيذه، فيما نفت الأخيرة ضلوعها فيه، ونفى زعيم حزب «الاتحاد الديموقراطي» الكردي صالح مسلم، اتهامات تركيا لحزبه بتنفيذ الهجوم الإرهابي قائلاً إن تركيا تحاول تصعيد القتال في شمال سورية. وتنتشر «وحدات حماية الشعب» وهي مليشيا كردية سورية وتُعرف أيضاً بوحدات الدفاع عن الشعب، في شمال وشمال شرقي سورية، ويُنظر إليها على أنها الذراع العسكري لحزب «الاتحاد الديموقراطي» الكردي، وهي موالية لحزب «العمال الكردستاني»، وتقاتل حاليا في عين العرب (كوباني) ضد قوات تنظيم «الدولة الإسلامية»(داعش). ويرجع تاريخ تأسيس الواحدات إلى العام 2004، وهو العام الذي شهد التظاهرات الكردية المعارضة للحكومة السورية، وأسفرت عن مقتل 30 كردياً، إلا أنه لم يتم الإعلان عنها حتى تموز (يوليو) العام 2012، إذ تم كشف شعارها علناً، بعد أكثر من عام على بدء الثورة السورية. وتزامن الإعلان مع انسحاب القوات الحكومية السورية من الجزء الأكبر من المناطق الكردية، وتحولت «وحدات حماية الشعب»، بحكم الأمر الواقع، إلى جيش هذه المناطق في محافظات الحسكة والرقة وحلب. وتُسيّر الوحدات دوريات على حدود المناطق الكردية، بالإضافة إلى انها تشرف على العديد من حواجز التفتيش، كما أنها أدت دوراً رئيساً في القتال ضد «داعش». وقالت وسائل الإعلام الكردية أن تلك الوحدات كان لها دوراً هاماً خلال حصار مدينة كوباني، إذ تمكنت في العام 2015، من فض حصارها بالتعاون مع أميركا، بعد حصار دام لنحو ستة أشهر. وتقول الخبيرة في الشؤون العراقية والكردية ماريا فنتاباي، على رغم أن غالبية قادة الوحدات يحملون الجنسية السورية، إلا أنهم تدربوا في مخيمات حزب «العمال الكردستاني في جبال قنديل شمال العراق، فيما اعتبر المحلل السياسي في مؤسسة «جيمستاون الأميركية» فلاديمير فان فيلغينبورغ أن هذه الجماعة الكردية تمثل الجناح المسلح لحزب «العمال الكردستاني» في سورية. وتعتبر تركيا «وحدات حماية الشعب» الكردية منظمة إرهابية، الأمر الذي يثير خلافاً مع الولاياتالمتحدة، حليفتها في «حلف شمال الأطلسي» (ناتو)، والتي تدعم الوحدات في المعركة ضد «داعش». وذكرت «مجموعة الأزمات الدولية» في العام 2014، أن الوحدات تدفع رواتب شهرية تبلغ حوالى 150 دولارا لما بين 25 و30 ألف مقاتل، لكن خبراء آخرين يقرون بعدم وجود إحصاءات رسمية لأعداد هؤلاء المقاتلين. وأوضح تقرير المجموعة أن المقاتلين يتلقون ثلاثة أشهر من التدريبات في واحد من تسع أكاديميات عسكرية تتوزع على المناطق الكردية الثلاث في سورية. وتعتمد الوحدات في تمويلاتها على الضرائب التي تجبيها في المناطق الكردية وعلى دعم حزب «العمال الكردستاني» الذي يحظى بمساندة شبكة من الممولين في أوروبا وتركيا والجالية الكردية في مناطق أخرى من العالم. وعلى رغم دعم الولاياتالمتحدة لقوات الوحدات جوياً في تقدمها ضد مسلحي «داعش»، إلا أنها أخذت تتخلى عن تلك السياسة في الوقت الذي بدأت فيه «قوات سورية الجديدة» حليف الولاياتالمتحدة في التلاشي في نهاية العام الماضي. وتزامن ذلك مع تدخل روسيا عسكريا في سورية، وضربها للمعارضة السورية. وكانت منظمة حقوق الإنسان «أمنستي إنترناشوينال»، قالت إن الوحدات طردت آلاف المدنيين من شمال سورية، ودمرت منازلهم انتقاما منهم بسبب علاقتهم ب«داعش»، لكن الوحدات نفت التهمة، وقالت إن غالبية المدنيين تركوا منازلهم هرباً من المعارك، وإنها ترحب بعودتهم. وانتقدت الأممالمتحدة في حزيران (يونيو) 2015 قوات الوحدات، قائلة إنها تجند أطفالاً لا تتجاوز أعمارهم 18 عاماً. وادعت الحكومة التركية في حزيران (يونيو) 2015 أن قوات الوحدات تنفذ حملات تطهير عرقي كجزء من خطة لديها لربط مقاطعات الجزيرة وكوباني (عين العرب) في إقليم واحد. وعلى رغم خوض المقاتلين الأكراد معارك ضد النظام إلى جانب المعارضة في أماكن محددة، إلا أن بعض فصائل المعارضة لا تزال تنظر بريبة إلى الأكراد.