منذ سنوات طويلة، كان من عادة المخرج الروسي المخضرم نيكيتا ميخالكوف أن يبدي أكبر قدر من المرح وحس الدعابة، لدى كل حضور له في دورة من دورات مهرجان «كان». في تلك السنوات السابقة لم يكن أحد يحتج على وجوده أو يرفع الصراخ ضده... فهو حتى وإن كان دائماً يعتبر جزءاً من السلطة الفنية والحاكمة في آن معاً، كان يعرف دائماً كيف يخلق توازناً يجعله مقبولاً حتى من المنشقين الذين كان شقيقه اندريه كونتشالوفسكي واحداً منهم. وهو أوصل هذا الى ذروته حيث فاجأ أهل السينما قبل عقد وأكثر بفيلم «الشمس الخادعة» الذي فضح فيه شيئاً من إواليات الديكتاتورية الستالينية، فبدا متمرداً على التاريخ الرسمي، وكان الاتحاد السوفياتي على اية حال قد زال – كما بدا حريصاً على الحفاظ على شيء من «زهو» الماضي، في وقت كان فيه هذا الماضي يحتضر... لكن هذا يبدو الآن بعيداً. إذ هذه المرة من المؤكد ان ميخالكوف الذي يشارك بفيلمه الجديد «الشمس الخادعة 2» في المسابقة الرسمية ل «كان» لا يجد الترحيب والإجماع نفسيهما. والسبب: زملاؤه المخرجون والسينمائيون الروس انفسهم، فهؤلاء اختاروا ضمن إطار المعركة التي يخوضونها ضده في موسكو باعتباره صار من المتواطئين مع السلطة الحاكمة في الكرملين، باتوا يقولون عنه انه الآن يلعب الدور نفسه الذي كان يلعبه المخرج الستاليني بوندارتشوك، ايام سلطات الحزب الشيوعي، حيث كان هذا الأخير عقبة في وجه كل تجديد سينمائي ولا سيما في عهد بريجنيف. والأدهى من هذا ان السينمائيين الروس ومن بينهم ألكسندور سوكوروف وألكسي غورمان، أرسلوا الى «كان» بياناً يهاجمون فيه تسلط ميخالكوف مفسرين الأسباب التي دفعتهم الى الاستقالة من اتحاد السينمائيين الذي يرأسه. وهكذا بدلاً من ان يجد ميخالكوف الأذرع مفتوحة لاستقباله في «كان» ها هو يجد البيان منتشراً ويشكل صفعة له، من المؤكد انه لن يكون معها قادراً على إبداء حرصه المعتاد. مهرجان أبو ظبي يحول جناحه الى نادٍ للصحافة العربية منذ الآن ونحن لا نزال في الأيام الأولى من دورة هذا العام لمهرجان «كان»، يبدو أن الحضور الذي يؤمنه وفد خاص يمثل مهرجان أبو ظبي السينمائي، سيكون الحضور العربي الأكثر لفتاً للنظر، وليس فقط بفعل ارتفاع عدد مسؤولي المهرجان والعاملين فيه الذين وصلوا في صخب الى «كان» بل كذلك لأن المهرجان اختار المناسبة الكانية كي يعلن تغيير اسمه، وسط جملة من إجراءات وفاعليات أخرى. بل اكثر من هذا: وسع وفد المهرجان جناحه هذه المرة وزوده بكل ما يلزم لاستقبال الصحافيين مؤكداً لهم انهم هنا في بيتهم ويمكنهم التصرف على سجيتهم بما في ذلك استخدامهم شبكة الإنترنت لكتابة مقالاتهم. وللمناسبة أعلنت ادارة المهرجان ايضاً، انها ضمت الى تظاهرتها بدءاً من هذا العام برنامج «أفلام من الإمارات» الذي كان في السابق قد تشرد قبل ان يستقر في دبي... وها هو الآن ينتقل الى أبو ظبي، الذي أعلن كذلك عن سلسلة حوافز في رسم السينمائيين الشبان، من أي بلد عربي أتوا. تيم بورتون وسط السجال حول سينما الأبعاد الثلاثة واضح ان وجود تيم بورتون على رأس لجنة التحكيم في دورة هذا العام يلعب دوراً أساسياً في احتدام النقاش منذ الأيام الأولى من حول مسألة مستقبل العروض السينمائية بالأبعاد الثلاثة، وذلك لأن بورتون، بفيلمه الأخير «أليس في بلاد العجائب» سار على خطوات زميله جيمس كاميرون في «آفاتار» بجعل المنظومة الفنية الجديدة/ القديمة، حاضرة في السوق بقوة... وأعلن كذلك انه سيلجأ الى المنظومة نفسها بالنسبة الى فيلمه المقبل المأخوذ من «الحسناء النائمة في الغابة»، واللافت ان النقاش لن يدور فقط حول المسائل الفنية للقضية، أو على مسألة قدرة السينما بفضل الأبعاد الثلاثة على مجابهة التلفزيون، ناهيك بالسجال حول مستقبل الممثل ودوره في هكذا سينما، بل كذلك من حول مسألة لم تكن في الحسبان، وهي الخطر الذي يمثله استخدام المناظير الخاصة بالأبعاد الثلاثة، على الصحة البصرية للمتفرجين. وعلى رغم ان تيم بورتون، كرئيس للجنة التحكيم، ليس من حقه ان يدلي بأية أحاديث أو آراء صحافية خلال ايام المهرجان وقبل حفل الختام، بات مؤكداً انه سينتهز اية فرصة للتحدث حول هذه المواضيع والإدلاء بدلوه فيها على اعتبار انه واحد من كبار المدافعين عن «الأبعاد الثلاثة». انغمار برغمان الحاضر دائماً بعد سنوات على رحيله «الشعراء لا يموتون» عبارة نستخدمها في كل مرة يرحل فيها عن عالمنا واحد من المبدعين الكبار. ومهرجان «كان» يؤكد دائماً صحة هذه العبارة، ويؤكدها هذا العام من طريق انغمار برغمان. وللعام الثاني على التوالي، ولكن ليس من طريق عرض افلام لفنان السينما السويدية الكبير، بل من طريق مواصلة عرض شريط طويل عن صاحب «الصمت» و «فاني ألكسندر»، يشتغل عليه الناقد والكاتب المعروف ستيغ بيوركمان، الذي كان شارك برغمان في عدد من أعماله وكتب عنه أكثر من دراسة وكتاب. وكان بيوركمان نفسه عرض في دورة العام الماضي من «كان» جزءاً أول من هذا الفيلم، ليعرض هذا العام جزءاً ثانياً جعل عنوانه جملة شهيرة لبرغمان «... لكن السينما تبقى عشيقتي». والفيلم الذي ينقل مشاهد من كواليس العمل مع برغمان، يتوقف عند 8 محطات مثيرة من مسار برغمان، كما يقدم شهادات عنه لعدد من كبار السينمائيين ومنهم مارتن سكورسيزي ووودي آلن. كتيب عن مهرجان القاهرة للضيوف أعدت إدارة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي كتيباً لتوزيعه على ضيوف ونجوم مهرجان «كان « السينمائي الذي انطلقت فعالياته الأربعاء (12/5). ويتضمن الكتيب بعضاً من ملامح الدورة الماضية للمهرجان القاهري التي حضرتها نخبة من نجوم السينما العالمية مثل صامويل جاكسون وسلمى حايك ولوسي ليو، إضافة إلى إلقاء الضوء على أبرز السمات التي تميز الدورة الرابعة والثلاثين (30 تشرين الثاني/ نوفمبر – 9 كانون الأول/ ديسمبر) ومنها برنامج يحمل عنوان «مصر في سينما العالم (نحو آفاق أفضل)». ويتضمن الكتاب دعاية لأبرز الأماكن السياحية المصرية موجهاً دعوة للسينمائيين من مختلف أنحاء العالم لتصوير أعمالهم في مصر. وفي كلمته التي وجهها الى ضيوف ونجوم مهرجان «كان» قال وزير الثقافة المصري فاروق حسني: «مصر منذ سنوات طويلة تعتبر مصدراً للسحر والإلهام بالنسبة إلى صنّاع السينما في العالم، والتاريخ المصري يضم مواضيع مثيرة تصلح للشاشة الفضية. كليوباترا ورمسيس وتوت عنخ آمون ليسوا سوى عدد قليل من المواضيع والقصص التي قدمتها السينما الأميركية والأوروبية وأصبحت من كلاسيكيات السينما العالمية وأثرت الإنتاج السينمائي على مدى قرن كامل». وكشف وزير الثقافة وجود اتفاق تعاون بين المركز القومي للسينما في مصر والمركز القومي للسينما في فرنسا لتشجيع منتجي الأفلام العالميين. وأشار حسني إلى أن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي سيشهد عرض عدد كبير من الأفلام من جنسيات مختلفة عن صورة مصر كما نقلتها كاميرات صنّاع السينما في العالم. يذكر أن كتيب المهرجان الذي سيوزع في «كان» تضمن دعاية لأبرز الأماكن السياحية المصرية ووجه دعوة إلى السينمائيين من مختلف أنحاء العالم لتصوير أعمالهم في مصر.