قلّب عينيك في الملكوت ترى الجمال بديعاً... وافتح قلبك لأسرار هذا الجمال ترى الحياة ربيعاً... وخُض في مُعترك الحياة تكن لك الحياة جميعاً... واجمع لي قلبك فإني لأرجو أن امنح لك حياةً هادئة سعيدة بإذن الله تعالى. هبت عاصفة شديدة على سفينة في عرض البحر فأغرقتها، ونجا بعض الركاب، منهم رجل أخذت الأمواج تتلاعب به حتى ألقته على شاطئ جزيرة مجهولة مهجورة، وما كاد الرجل يفيق من إغماءته ويلتقط أنفاسه، حتى سقط على ركبتيه وطلب من الله المعونة والمساعدة وسأله أن ينقذه من هذا الوضع الأليم. مرت أيام عدة كان الرجل يقتات خلالها من ثمار الشجر وما يصطاده من أرانب، ويشرب من جدول مياه قريب وينام في كوخ صغير بناه من أعواد الشجر ليحتمي فيه من برد الليل وحر النهار. وذات يوم، أخذ الرجل يتجول حول كوخه قليلاً ريثما ينضج طعامه الموضوع على بعض أعواد الخشب المتقدة، ولكنه عندما عاد فوجئ بأن النار التهمت كل ما حولها، فأخذ يصرخ: «لماذا يا رب؟... حتى الكوخ احترق، لم يعد يتبقى لي شيء في هذه الدنيا وأنا غريب في هذا المكان، والآن أيضاً يحترق الكوخ الذي أنام فيه... لماذا يا رب كل هذه المصائب تأتي عليَ؟!» ونام الرجل من الحزن وهو جائع، ولكن في الصباح كانت هناك مفاجأة في انتظاره... إذ وجد سفينة تقترب من الجزيرة وينزل منها قاربٌ صغيرٌ لإنقاذه. وعندما صعد الرجل على سطح السفينة أخذ يسألهم كيف وجدوا مكانه، فأجابوه: «لقد رأينا دخاناً فعرفنا أن شخصاً ما يطلب الإنقاذ!». فسبحان من علِم بحاله ورأى مكانه... سبحانه مدبر الأمور كلها من حيث لا ندري ولا نعلم... كل ما في هذا الكون يقودك إلى اليقين بالله سبحانه. يقول الفضيل بن عياض، رحمه الله تعالى: «لو يئست من الخلق لا تريد منهم شيئاً لأعطاك مولاك كل ما تُريد»، فسبحانه لا تنفد خزائنه ولا تنتهي كنوزه ولا يوصف جوده. فقط أعطه قلبك... واليقين... «إياك نعبد وإياك نستعين» الآية، وأعلنها صريحة مدوية من الأعماق لك عُدت يا الله... يا الله... يا الله، وتعرف على الله! «الله» يا أعذب الألفاظ في لغتي ويا أجل حروف في معانيها «الله» يا أمتع الأسماء كما سعدت نفسي وفاض سروري حين أرويها يقول ابن القيم، رحمه الله تعالى: «معرفة الله سبحانه نوعان، الأول: معرفة إقرار وهي التي يشترك فيها الناس البر والفاجر والمطيع والعاصي». الثاني: معرفة توجب الحياء منه والمحبة له وتعلق القلب به والشوق إلى لقائه وخشيته والإنابة إليه، والأنس به، والفرار من الخلق إليه، وهذه هي المعرفة الخاصة، وقد قال اعرف الخلق بالله صلى الله عليه وسلم: «لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك». فقلب المؤمن يعرف الله عز وجل ويستدل عليه بقلبه، فإذا عرفه ازداد نوراً على نور... فلا تنتظر من أحدهم أن يمد يده إليك ليساعدك... أزل الغبار عن ثيابك واجمع حاجاتك المتناثرة والبس نعليك واستعن بالله المعين وأكمل المسير فالطريق لم تنتهِ بعد! سُئل الإمام أحمد بن حنبل: «متى الراحة؟ قال: إذا وضعت قدمك في الجنة ارتحت». [email protected]