ظهرت في كيبيك، أول مجلة ناطقة بلسان المراهقات اللواتي يشكلن نحو 15 في المئة من المجتمع الكيبيكي. وتهدف، كما تشير افتتاحيتها، الى تغيير الصورة النمطية للمراهقات، وقلب الأحكام المسبقة، والمفاهيم السيئة السائدة لدى بعض الأوساط الاجتماعية والتربوية والإعلامية، مؤكدة انها ستكون الصوت القوي والمنبر الجريء والكلمة الحرة في الدفاع عن كل ما يمس هذه الشريحة بسوء. اسم المجلة «اوتنتيك»، Authentik (أي حقيقي أصلي)، وهي مطبوعة شهرية تصدر نحو 10 آلاف عدد توزع بالمجان في المخازن الكبرى ومحطات المترو والمكتبات العامة والمدارس. وتتميز بأناقة إخراجها وتنوع موضوعاتها. وتتألف هيئتها الإدارية والتحريرية من 15 مراهقة ينتمين الى أصول اثنية متنوعة، وتتراوح أعمارهن بين 12 و17 سنة. وتعتمد في تمويلها على بعض الإعلانات التجارية والصفحات الثقافية والترفيهية وعلى حملات التبرعات والاشتراكات السنوية. تعطي المجلة انطباعاً مثالياً عن صورة المراهقات اللواتي يتولين تحريرها من ألفها الى يائها. ويعالجن مختلف القضايا المتعلقة بالمراهقة على الصعد الاجتماعية والثقافية والأخلاقية والتربوية وغيرها. ومنهن من تدعو الى الصداقة «النظيفة» بين الجنسين والتحصن بالعفة وتجنب الوقوع في الرذيلة والابتعاد عن الموضة «غير المحتشمة». ومنهن من تشن حملة شعواء على الإعلانات المروجة للتدخين والوجبات السريعة التي تستهدف المراهقين والمراهقات و تصفها ب «السموم القاتلة». وأخريات يحذرن من تمادي عصابات الشوارع في الإساءة الى الفتيات المراهقات، سواء عبر التشهير بهن على جدران المنازل والمدارس أم اعتراض سبيلهن، وتعريضهن للإهانات والاعتداءات الجسدية والنفسية. وتتصدى المجلة لقضايا عامة تمس المراهقات في شكل مباشر أو غير مباشر، كالدعوة الى معالجة الفقر، لا سيما في أوساط المهاجرين، ومكافحة التمييز العنصري بشتى أشكاله، والى المساواة بين الجنسين، ومكافحة أعمال العنف المدرسي والأسري التي تستهدف المراهقات غالباً. أما في المسألة التربوية فتتوجه المجلة الى المسؤولين لإيلاء هذه ظاهرة التسرّب المتفشية في أوساط المراهقات أهمية خاصة، والحيلولة دون انقطاعهن عن الدراسة في وقت مبكر من أعمارهن وخشية وقوعهن في براثن الجهل والرذيلة. ويشكل التحرش الجنسي بالمراهقات أول اهتمامات المجلة، التي تؤكد رئيسة تحريرها موران، على متابعة تلك الانتهاكات لآدمية المراهقات، وكشفها أمام الري العام. وتلفت الى أن خطورة الاعتداءات الجنسية على المراهقات لا تقع من قبل البالغين أو المراهقين في المدارس فحسب، بل أيضاً من إخوتهن، وأن 95 في المئة من هؤلاء المعتدين معروفون من ضحاياهم الذين يخشون، في أكثر الأحيان، التبليغ عنهم الى ذويهم أو الى المراجع المختصة. وفي هذا السياق، تؤكد إحصاءات في كيبيك أن ما بين 30 و40 في المئة من المراهقات الكيبيكيات يتعرض لاعتداءات جنسية من قبل زملائهن أو أصدقائهن، و50 في المئة من قبل بالغين، وأن 20 في المئة منهن يتعرضن للاغتصاب. وتلحظ أن الدوافع الى هذه التحرشات تكمن في الفقر بنسبة 80 في المئة، وانفصال الأزواج وخلافاتهم بمعدل 75 في المئة. تطلعات متجانسة تضم هيئة تحرير المجلة ثلاث مراهقات من أصول عربية تعبر كل منهن عن رأيها بهذه التجربة الوليدة. وتقول مليكا (14 سنة، محجبة كيبيكية من أصل تونسي) أن «الغاية من إصدار المجلة هي في إفساح المجال أمام المراهقات للتعبير عن آرائهن في أجواء من الحرية والثقة والصراحة». وترى زميلتها فطومة كيتا (15 سنة من أصل مغربي) أن «المجلة نافذة للحوار، نقيم من خلالها جسوراً للتواصل وتبادل الأفكار، ومجال مشاركة مفتوح أمام الجميع، من دون «فيتو» على أحد». أما ماريام عثمان (16 سنة من أصل مصري) فتعتقد أن إصدار المجلة تجربة رائدة، وهي صورة عن جيل المراهقات. «كما أنها بالنسبة الي خطوة على طريق الاحتراف الصحافي»، مشيرة الى أن الجميع في هيئة التحرير يعملن كفريق متجانس في الرؤى والتطلعات وتحمل المسؤولية المهنية.