حصة المسرح من البث الفضائي العربي تبدو ضئيلة، حين نتذكر حجم البث زمنياً، واتساعه على مساحة عشرات القنوات. مع ذلك فالأمر لا يتوقف عند ندرة ما تقدمه الفضائيات العربية التي لا تحصى من العروض المسرحية، ذلك أن ما يعرض بين وقت وآخر، مكرّس – غالباً – لنوع محدّد من المسرحيات الهزلية، نكاد نقول إنها هي بدورها لا تتغير، بل يتكرّر عرضها على مدار السنة، بغض النظر عن قيمتها ومستواها الفني، بل وتقادمها وابتعادها من زماننا. المسرح كما يقول الجميع هو «أبو الفنون»، أي الفن الذي تجتمع فوق خشبته ألوان وأشكال تعبير متعدّدة، وهو اليوم ينحسر أو يكاد إلا من نخب ثقافية وفنية، من هنا يحتاج بالتأكيد لإنعاش ربما تكون الشاشة الصغيرة مؤهلة أكثر من غيرها لتقديمه. المسرح في التلفزيون حاجة بالطبع، لكنه فوق ذلك فكرة مغرية لإعادة نوع من التعبير الإبداعي لشاشة عربية تفتقر كثيراً لما هو ممتع ومفيد بشدّة في هذه الأيام... إلى حد يجعلنا نعتقد أن روائع المسرح العالمي، ومعها بعض الجميل الجاد من المسرح العربي، تحتاج لمؤازرة الشاشة الصغيرة، بما هي سلطة، تمتلك القدرة على انتشال المسرح من أزمته. نقول ذلك وفي البال ما فعلته عروض الفضائيات للأفلام السينمائية بعد محنة المشاهدة التقليدية للعروض السينمائية التي انحسرت في معظم العواصم والمدن العربية. شيء من ذلك ممكن التكرار مع المسرحيات المهمة، بعرضها في القنوات الفضائية العربية، والتعريف بهذا الفن الراقي، كي يمكن تقريبه من القطاعات الأوسع من المشاهدين، وبالذات أبناء الأجيال العربية الجديدة الذين لم يعيشوا سنوات ازدهار المسرح، ولم يتعرفوا الى صوره الأجمل. هي دعوة إلى نوع من تنشيط الشاشة الصغيرة بما هو فني يجمع الفائدة والمتعة معاً، بعد موجة «المنوعات» التي تبدو لنا خليطاً متنافراً يجمع نتفاً متباعدة، وأشباه أفكار في قوالب فنية مسلوقة ومعدّة على عجل. عادت الأفلام السينمائية من نافذة الشاشة الصغيرة، فهل يمكن المسرح أن يعود من تلك النافذة «الشعبية»، ذات الحضور الكبير في حياة الناس، وليالي سهرهم؟