قال مسؤول رفيع في جهاز سلطة النقد الفلسطينية ل «الحياة» ان الجهاز فرض غرامة على البنك العربي بسبب إغلاقه فرعين له في قطاع غزة وعزل موظفيهما تعسفياً والضرب بعرض الحائط النظم والقوانين واللوائح التي يخضع لها الجهاز المصرفي في أراضي السلطة الفلسطينية. واوضح ان البنك العربي اتخذ هذا الاجراء «من دون أن يبلغنا أو يتصل بنا»، مضيفاً: «فرضنا على البنك العربي أعلى مخالفة، وتبلغ قيمتها 300 ألف دولار، بسبب مخالفات». ولفت المسؤول إلى أن الرئيس محمود عباس ورئيس الحكومة سلام فياض دعما هذا القرار، وقال: «إدارة البنك اتصلت من أجل سحب المخالفة المالية في مقابل الاعتذار، فأجابها كل من عباس وفياض بأن هذه قضية مالية مهنية لا نتدخل بها، ودعوها إلى الاتصال مباشرة مع سلطة النقد، ونحن من جانبنا ابلغناها بأن المبلغ تم سحبه». وذكّر المسؤول بأن نجاح البنك العربي قام على أكتاف الشعب الفلسطيني الذي يضع معظم مدخراته به، وكذلك على المؤسسات الفلسطينية لثقتها به باعتباره بنكاً فلسطينياً اساساً. وبالنسبة الى من يتحمل مسؤولية قرار الاغلاق، أجاب: «أولاً البنك العربي لا يرى نفسه بنكاً فلسطينياً، فلقد أزال شعار قبة الصخرة من البطاقات الائتمانية الخاصة به بقرار من الجمعية العامة للبنك، ورفع اسم القدس كمركز رئيسي وأصبح المركز الرئيسي هو عمان، لذلك فهو بنك أردني». ولفت إلى أنه على رغم أن للخطوة التي قام بها البنك العربي انعكاسها السلبي على ثقة المودعين بالبنك، إلا أنه دافع عن خطوة البنك العربي هذه، رابطاً بينها وبين القضية المرفوعة على البنك في مدينة نيويورك، وحمّل حركة «حماس» جزءاً من المسؤولية، مشيراً إلى الخطوة التي قامت بها اجهزة شرطة «حماس» عندما تعرضت لبنك فلسطين واستولت على نحو 400 ألف دولار من حساب جمعية أصدقاء المريض. وقال: «هذه الخطوة التي قامت بها حماس تسببت بهزة كبيرة في الجهاز المصرفي في قطاع غزة، وأثارت مخاوف البنوك». وأضاف أنه لم يسبق أن ارتكب أحد مخالفة بهذا الحجم إلا الجيش الاسرائيلي خلال الانتفاضة الثالثة عندما استولى على مبالغ كبيرة من البنك العربي في الضفة. قضية نيويورك ورأى أن الرسائل التي ابلغتها «حماس» إلى البنوك بفرض ضرائب على الجهاز المصرفي قد تتسبب في انهيار الجهاز المصرفي في غزة، لافتاً إلى مخاوف البنك العربي المشروعة لأنه في حال تم تحصيل أي مبالغ من البنك العربي لمصلحة «حماس» فإن ذلك «سيستخدم ضده في القضية المرفوعة ضده في محاكم نيويورك، وسيتهمونه بأنه يمول الإرهاب ويدعمه». وأضاف: «وضع البنك العربي حساس جداً في هذه المسألة بالذات لأنه في حال خسارة القضية، فإن البنك سيكون مهدداً بإغلاق جميع فروعه في العالم كله»، مشدداً على حرص سلطة النقد الفلسطيني على البنك العربي كمؤسسة أردنية لها موقعها على الخريطة الاقتصادية الدولية. ولفت إلى أن الاسرائيليين يتربصون به «لذلك أبلغنا البنك بأننا على استعداد لدعمه في أي توصية، خصوصاً أن لدينا اتصالات دولية جيدة، ونحن على تواصل مع الخزينة الأميركية، وسمعتنا الدولية ممتازة، فنحن متعاونون وطبقنا بقوة قانون غسيل الاموال، ورفضنا تماماً فتح حسابات للقوى التنفيذية في غزة». وكشف المسؤول ل «الحياة» انه «تم فتح 6 آلاف حساب للقوى التنفيذية لكننا أغلقناها فوراً». وأوضح أنه منذ الانقسام تم إدخال 5 بلايين دولار من خلال سلطة النقد وبحماية الجهاز المصرفي، وذلك من خلال مساعدات وتحويلات تجار وهيئات دولية، لافتاً إلى أن سلطة النقد حريصة جداً على عدم الدخول في صراعات، لذلك فهي تطبق بقوة القوانين. وقال: «نريد أن يستمر العالم في التعامل معنا». وكشف أن رئيس الحكومة المقالة اسماعيل هنية أرسل رسالة إلى سلطة النقد يطالبها بالتعامل مع «حماس»، فهي الحكومة الشرعية «لكننا حذرناهم من خلال لقاء بقيادات حماس في الضفة، ومنهم عزيز الدويك، من مخاطر هذه الخطوة، وقلنا لهم إننا لن نتعامل معهم طالما «حماس» مدرجة على قائمة الإرهاب». وأوضح ان سلطة النقد تتعاطي مع الأمر من منطلق مهني بحت لا علاقة له بالسياسة. وأكد أن سلطة النقد سترفض أي محاولة لإغلاق البنك العربي، و «هناك فريق تفتيش أرسلناه سيتابع عمله»، وقال: «البنك العربي يتعاون الآن في قضية نقل الودائع، وعرضنا عليه سيولة، خصوصاً أنه أغلق أجهزة السحب الآلي في الجنوب». وحذر من مخاطر الخطوة التي اتخذها البنك العربي ومدى انعكاسها سلباً على الجهاز المصرفي في قطاع غزة، خصوصاً في ضوء التضييق الذي تمارسه السلطة في غزة على الجهاز المصرفي. وقال: «حماس أصبحت تضغط على البنوك وتلجأ الى القضاء الذي هو خاضع لها في تنفيذ الاحكام»، مشدداً على ضرورة توافر الحرية التامة لعمل المصارف وعدم تدخل الحكومة. وقال: «الجهاز المصرفي يعاني من خطوات حماس، ولو أغلق البنك العربي فرعه المتبقي، فأين ستذهب البنوك الأخرى المراسلة الوسطية»، مشيراً إلى أن 40 في المئة من الرواتب تدفع بواسطة البنك العربي، وهناك بليونا دولار ودائع للمواطنين الفلسطينيين. وحذر من أن البنوك المراسلة لن تخاطر بعلاقتها الدولية، وقد تقوم بخطوة مماثلة في غزة والضفة معاً حماية لمصالحها، لذلك فالوضع خطير ومعقد للغاية.