لم يكن غريباً إعلان السعودية قبل يومين قتل ثلاثة إيرانيين على حدودها الجنوبية خلال مشاركتهم ضمن رتل للمليشيات الحوثية وأتباع الرئيس السابق علي عبدالله صالح ومحاولة اقتحام الحدود عند بلدة الربوعة جنوبي المملكة. ويعد سجل إيران بالتدخلات في شؤون دول المنطقة حافلاً، سواءً بطريقة مباشرة عبر أفراد الحرس الثوري الذين تزج بهم كخبراء عسكريين وعناصر مقاتلة على الأرض، أم من خلال جلب المرتزقة من دول عدة، عبر وعود زائفة تقدمها لهم. كما أن الانخراط الإيراني المباشر في اليمن ليس جديداً، إذ أكدت القيادة اليمنية في أكثر من مرة أن لديها أدلة دامغة على وجود عناصر إيرانية تقاتل إلى جانب المتمردين الحوثيين وتمدهم بالسلاح والمتفجرات، كما تم سجن أفراد من حزب الله اللبناني (ذراع إيران العسكرية في الوطن العربي) لدى أجهزة الأمن اليمنية في صنعاء، وأطلق الحوثيون هؤلاء الأفراد فور احتلالهم العاصمة صنعاء في 21 أيلول (سبتمبر) 2014. ويؤكد المحلل السياسي اليمني رئيس منتدى الجزيرة العربية للدراسات الدكتور نجيب غلاب، في حديثه إلى «الحياة» أن الوجود الإيراني في اليمن عبر الخبراء والمستشارين مسألة لم تعد قابلة للجدل، وقال: «ليس جديداً أن الحوثي وكيل محلي للمستعمر الإيراني، ويتعامل معه الحرس الثوري عبر تصريحات مسؤوليه باعتباره فرقة تابعة للحرس الثوري وهم من يقومون بدعمها وإسنادها وتدريبها». وأضاف: «انخراط عناصر إيرانية على الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية يؤكد صواب الخطوات التي اتخذتها السعودية، وعلى رأسها عاصفة الحزم التي أوقفت التمدد الإيراني في اليمن، والذي كان يسعى إلى خنق دول الخليج والوطن العربي، لاسيما بعد محاولة السيطرة على مضيق باب المندب الإستراتيجي». ورأى غلاب أن مقتل ثلاثة إيرانيين على الحدود السعودية دليل واضح على أن اليمن بعد الانقلاب ممتلئ بالعناصر الإيرانية المقاتلة، بل يمكن القول إن الخلية الأمنية الإيرانية والسفارة الإيرانية هم من يتحكمون بمختلف التشكيلات الحوثية. وتابع: «فكرة تصدير الثورة من ناحية واقعية وموضوعية لم تكن إلا حالة إعلان حرب من حكم الملالي، وهذه الحرب بدأت من نهاية السبعينات وما زالت مستمرة وبلغت ذروتها بإعلان صنعاء عاصمة تابعة لولي الفقيه، ويعرف الجميع بما في ذلك الأممالمتحدة والمنظومة الدولية أن قرار الحوثيين مرتبط بولي الفقيه». وبحسب غلاب، فإنه «لولا عاصفة الحزم لأصبح اليمن مستعمرة إيرانية تدير من خلاله حروباً ضد العرب باتجاهين، الأول توظيف الإرهاب الداعشي، والثاني توظيف الإرهاب الحوثي لخلط الأوراق وتحويل اليمن إلى بيئة مظلمة لا تنتج إلا الشر؛ لإيذاء أمن دول الخليج».