أقر مجلس المديرين التنفيذيين لصندوق النقد الدولي برنامجاً إقراضياً لليونان بنحو 40 بليون دولار (30 بليون يورو) قبل ساعات قليلة من إعلان وزراء مال دول الاتحاد الأوروبي في بروكسيل الاتفاق على محفظة ضمانات القروض بقيمة 670 بليون دولار (500 بليون يورو) في محاولة لحماية إقليم اليورو من تداعيات أزمة ديون اليونان وطمأنة أسواق المال. وأوضح المديرون التنفيذيون في بيان أن برنامج الإقراض، الذي يطبّق على مدى ثلاث سنوات ويشكل جزءاً من محفظة تمويل تعاونية مشتركة بين صندوق النقد والدول الرئيسة في إقليم اليورو تزيد قيمتها على 140 بليون دولار، يهدف إلى مساندة «برنامج التعديل والتغيير الاقتصادي» الذي تبنته حكومة أثينا وأقره البرلمان اليوناني الخميس الماضي. ولاحظ البيان أن صندوق النقد يتيح لليونان الحصول على 7 بلايين دولار (5.5 بليون يورو) من رصيد البرنامج الإقراضي بصفة فورية لتمكينها من الوفاء بالتزاماتها العاجلة، مشيراً إلى أن القيمة الإجمالية للتمويل الفوري المشترك المتاح لأثينا يصل إلى نحو 26 بليون دولار لكنه سيتجاوز 50 بليوناً نهاية السنة الحالية. وأكد صندوق النقد عبر الناطق الرسمي باسمه كارولين أتكنسن أن البرنامج الإقراضي لن يمكن اليونان من الوفاء بالتزاماتها تجاه حملة سنداتها السيادية كاملة فحسب، بل يضمن أيضاً ألا تحتاج حكومة أثينا إلى اللجوء الى أسواق التمويل الخاصة لفترة تزيد على 18 شهراً (حتى 2013) مستبعداً كلياً احتمال إرهاق اليونان في خدمة ديونه التي تقدر بنحو 400 بليون دولار (115 في المئة من ناتجه المحلي). لكن النائب الأول للمدير العام للصندوق جون ليبسكي، الذي رأس اجتماع مجلس المديرين التنفيذيين في غياب دومنيك ستروس كان، حذر من أخطار «جسام»، مشدداً على أن برنامج الإنقاذ الذي تبنته الحكومة اليونانية يشكل «رداً مناسباً وطموحاً على الأوضاع الراهنة، بيد أن التحدي المقبل يتمثل في تطبيق هذا البرنامج بصلابة والسعي في الوقت ذاته إلى تأمين الإجماع الشعبي المطلوب بإلحاح على الإصلاحات». وانتقد ليبسكي الحكومة اليونانية السابقة لما أعلنته من بيانات خاطئة عن عجز الموازنة والدين العام في 2008 وأدت، بحسب تأكيده، إلى خرق التزاماتها تجاه المؤسسة الدولية. وأوضح أن صندوق النقد لن يعاقب اليونان بعد الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الحالية لعلاج قصور المعطيات الإحصائية اليونانية وإن شدد على أن أثينا ستكون مطالبة من الآن فصاعداً بالتقيّد الصارم بالتزاماتها على هذا الصعيد. ورحب ستروس - كان بإعلان بروكسيل مؤكداً أن الإجراءات القوية التي اتخذها وزراء مال دول الاتحاد والمصرف المركزي الأوروبي من شأنها تثبيت استقرار الاقتصاد والنظام المالي العالميين والحفاظ على الانتعاش الاقتصادي العالمي. وقال في بيان أصدره صندوق النقد من مقره إن «تطبيق هذه الإجراءات الهادفة إلى وضع الموازنات والمديونيات العامة على مسار مستدام يشكل ركيزة أساسية لاسترداد أوروبا عافيتها الاقتصادية». وأكد المدير العام أن صندوق النقد لن يكتفي بمد يد العون لليونان وإنما سيلعب دوره في مساعدة الدول الأوروبية الأخرى المتعثرة، مشدداً على استعداد المؤسسة الدولية لمساندة «أعضائنا الأوروبيين بصورة فردية في إعداد برامج التعديل والانعاش الاقتصادي ومراقبة تطبيق الاجراءات الاقتصادية، إضافة إلى التمويل بالتضامن مع آلية الاستقرار الأوروبية الجديدة». وفيما استبعد ستروس - كان مواجهة صندوق النقد قصوراً في تمويل المساعدات الأوروبية الاضافية المحتملة، اعتمد مجلس المديرين التنفيذيين «آلية التمويل الطارئ» في إقرار قروض اليونان بسبب ضخامتها، إذ ناهزت في حجمها الاجمالي 3.200 ضعف حصة أثينا في المؤسسة الدولية البالغة 1.2 بليون دولار (ما يعادل 823 مليوناً من حقوق السحب الخاصة). وحاول ستروس - كان تهدئة مخاوف الشعب اليوناني واصفاً برنامج التقشف الذي تبنته الحكومة ب «خطة عمل تاريخية من شأنها أن تمنح هذه الأمة الأبية فرصة للنهوض فوق مصاعبها الراهنة وضمان مستقبل أفضل للشعب اليوناني». وأضاف أن «الطريق إلى الأمام ستكون صعبة، لكن الحكومة أعدت برنامجاً متوازناً اقتصادياً واجتماعياً - مع توفير الحماية للشرائح الفقيرة - وقابلاً للتحقيق».