كشف مسؤول حكومي عن حقائق حول واقع أوقاف الحرمين الشريفين في الخارج، وأشار إلى ثلاثة أسباب لفقدان كثير منها. وأجاب وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية للتنمية الاجتماعية عبدالله السدحان، في ورقة العمل التي قدمها أمس (الأحد) للملتقى الثالث للأوقاف في الرياض، عن سؤال حول مصير أوقاف الحرمين الشريفين خارج المملكة، وكيف يمكن الاستفادة منها، واستعادة الضائع منها. وحدد السدحان ثلاثة أسباب لفقدان كثير من أوقاف الحرمين الشريفين، ملخصاً إياها في: الاستعمار الأجنبي، وطريقة توثيق الوقف وآليته، وعدم صلة مكانية وإدارية أو إشرافية بين الوقف وأوجه صرف ريعه. وطرحت الورقة جملة من الحلول لاستعادة بعض الأوقاف الخاصة بالحرمين الشريفين، وضمان عدم اندثارها مستقبلاً، ولتحقيق هذه الأهداف أكد ضرورة تطوير آلية توثيق الأوقاف، بما يضمن عدم ضياعها حتى مع تطاول الزمن، والسعي إلى استعادة الأوقاف الضائعة والمندثرة في عدد من دول العالم. واقترح وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية لحماية الأوقاف من الاندثار، الصرف بسخاء، والتوسع في إعلان جوائز مالية، وتخصيص نسبة من الوقف لكل من يدل على وقف خاص بالحرمين الشريفين أو يكشف عنه، والاستفادة مما جاء في النظام الجديد للأوقاف في المملكة حول الأوقاف. وفي الجلسة الثانية للملتقى، التي عقدت بعنوان «الأوقاف وتطبيقاتها في واقعنا المعاصر»، أكد الرئيس التنفيذي لشركة جدوى للاستثمار طارق بن زياد السديري وجود العديد من الفرص الواعدة، التي من شأنها تنمية قطاع ا.لأوقاف والوصول به إلى مرحلة جديدة تتوافق مع المعطيات المعاصرة وتسهم في الاستفادة من موارده المالية بشكل ملائم، وتحقق طموحات الواقفين وكل القائمين على الأوقاف. وعرض في ورقته «إدارة الاستثمارات الوقفية: الطريق نحو النمو والاستدامة»، تصوراً لاستثمار الأوقاف بما يساعد على تنوع الموارد المالية للقطاع. وعدد السديري التحديات التي تواجه تنفيذ أفضل الممارسات في استثمارات الأوقاف في أسباب رئيسة، منها أن «الأوقاف العينية» تحد من قدرة الوقف على الاستثمار في محفظة متنوعة، من شأنها أن توفر معدل عوائد ومخاطر أمثل، إلى جانب أن إدارات الأوقاف تركز على تنفيذ أهداف الوقف (استخدامات الأموال) أكثر من تركيزها على إدارة استثماراتها (مصادر الأموال). وجاء في الورقة أن قطاع إدارة الاستثمار في المملكة يتحمل جانباً من التحديات التي واجهت استثمارات الأوقاف لأنه «لم يعط الاهتمام الكافي لحاجات الأوقاف وركز على إدارة الأموال بدلاً من تقديم الخدمات الاستشارية الشاملة لإدارات الأوقاف». وأورد السديري ما وصفه ب«التحيز للمعتاد»، وقال عادة ما تنحاز العديد من الأوقاف لفئة أصول أو جغرافيات محدودة (مثل الأسهم أو العقارات المحلية) بحكم المعرفة السابقة لدى الإدارة أو مجلس الإدارة، وتناولت بالتفصيل مختلف الجوانب الفنية التي تحقق النمو والاستدامة لاستثمارات الأوقاف. وأشار إلى أن تنفيذ أفضل الممارسات في استثمارات الأوقاف هو ما تهدف إليه إدارة الاستثمارات الوقفية لضمان توافر الأموال المستدامة والنامية، التي يمكن من خلالها تنفيذ مهمة الوقف بنجاح، وتتكون من خطوات، من أهمها تحديد كل من مصادر واستخدامات أموال الوقف، والعائد المستهدف للوقف، واستراتيجية توزيع أصول الوقف، وهيكل الحوكمة للوقف، والهيكل التشغيلي للوقف، وكذلك تحديد النموذج الإداري الأمثل لإدارة الوقف. وكان المحاضر بالمعهد العالي للقضاء زياد الفواز، ناقش في الجلسة الأولى (أنظمة إدارة الأوقاف) الدور المرتقب من الهيئة العامة للأوقاف. مراعاة التوازن بين المخاطر والعوائد ضرورية أكدت ورقة عمل حول «معايير نجاح استثمارات الأوقاف»، أهمية التوازن بين العائد الاجتماعي والاقتصادي للاستثمار الوقفي، ومحورية دور الدراسة المستمرة للتكاليف والمقارنة بين المصاريف الإدارية وعوائد الوقف، لافتة إلى ضرورة الارتباط المباشر بين المخاطر والعوائد. واستعرض مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة الأموال للاستشارات المالية فهد بن عبدالله القاسم، في الورقة التي قدمها في ورشة العمل المصاحبة للملتقى الثالث للأوقاف الذي انطلقت فعالياته أمس، أفكاراً عدة لتطوير وتنمية موارد الأوقاف، متناولاً 11 سؤالاً رئيساً عن مسألة التوافق مع صك النظارة. كما ناقشت الورقة 5 مستويات إدارية هي: مجلس النظارة، مجلس الإدارة، لجنة متخصصة، المدير التنفيذي، ومدير غدارة الاستثمار. كما عرض الصلاحيات والسياسات والإجراءات. كما ناقشت الورقة مختلف جوانب الاستثمار الوقفي وتعريفاته وآلياته وأولوياته، ومحددات الاستثمار ومجالاته، ومعايير النجاح، مؤكدة أن بقاء أموال الوقف نقوداً، ليس فيه استدامة بل نقص متوال في القيمة الحقيقية، فيما أشارت إلى أنه يفضل أن يكون الاستثمار الوقفي في منافعه متعدياً للغير، مثل العلاج والتعليم. كما أكدت أن الحوكمة والتنظيم والتوثيق أصل، لا جدال فيه وليس قابلاً للتنازل عنه، حتى لو كانت كلفته عالية، داعية في الوقت نفسه إلى أهمية التوازن بين النقد وشبهه والاستثمارات طويلة الأجل، والتوفيق مع الموازنة والمصارف. بينما حصرت ورشة العمل الخاصة بتأسيس الأوقاف مرتكزات نجاح الكيانات الحديثة للعمل الوقفي وغير الربحي في المرونة، الديمومة، القدرة على التجديد، الاستقلالية، التأثير، والشفافية. وفي هذا السياق استعرض المستشار ضياء الرحمن الدراني، موضوع «صك الوقف.. وارتباطه بالكيانات الوقفية». وتضمنت الورشة شرحاً للوضع الراهن للكيانات الوقفية التي تتضمن ثلاثة أنواع من الكيانات (مؤسسة ، شركة ذات مسؤلية محدودة ، شركة مساهمة مقفلة)، وتطرق المستشار القانوني حمود الحربي للأشكال القانونية والكيانات الحديثة بحسب الأنظمة التي صدرت أخيراً، ومنها: المؤسسات والجمعيات الأهلية، الصناديق العائلية والأهلية، الشركات غير الربحية، والشركات التجارية المملوكة لأوقاف. لافتاً إلى أن محددات اختيار الكيان تتبنى على قدرة الكيان على الاستثمار والنمو وإيجاد الفرص التمويلية وحدود الرقابة والقيود على الكيان الوقفي وأصوله، ومدى مناسبة نوع الكيان للغرض غير الربحي. وأوصت الورشة الخاصة بواقع أوقاف الجمعيات الخيرية بضرورة تطوير إدارات تنمية الموارد المالية للجمعيات واستقطاب الكفاءات لها مع التدريب المتواصل لمنسوبيها، ودراسة إمكان فتح إدارات متخصصة للعقارات والاستثمار فيها، مؤكدة أهمية الأوقاف في تنمية موارد الجمعيات واستدامتها. وقدم مدير إدارة الاستثمار بالجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالرياض سلطان العبدالجبار، ورقة بعنوان: «أوقاف الجمعيات الخيرية تشغيلها واستثمارها» تناولت تاريخ الجمعية، وتطورها، والاجتهادات التي تمت لتنمية الموارد المالية، وإنشاء إدارة الاستثمار. كما قدمت نموذجين لتجارب ناجحة للإدارة وتنمية الموارد تتمثلان في «شراء عقارات عن طريق تمويل من المصارف»، وتجربة «مشاريع البناء على أراضي الجمعية أو هدم القديم منها وإعادة بنائه».