شهدت العاصمة الروسية أمس، اضخم عرض عسكري منذ انهيار الاتحاد السوفياتي. وأحيا آلاف الجنود الروس ذكرى النصر على النازية بمشاركة هي الاولى من نوعها لوحدات من دول حلف شمال الاطلسي. وحضر الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف مع رئيس الوزراء فلاديمير بوتين العرض من منصة خاصة اقيمت في الساحة الحمراء مرت امامها ارتال الجنود والمدرعات والآليات العسكرية، قبل ان تغطي سماء موسكو الطائرات والمقاتلات الاستراتيجية التي نفذت عروضاً خاصة للمناسبة. وسجل في احتفالات روسيا هذا العام اوسع حضور لقادة دول أجنبية أو ممثلين عنهم، إذ جلس على المنصة رؤساء وزعماء من أربعين بلداً بينهم المستشارة الالمانية انغيلا مركل ورئيس الوزراء الصيني ورؤساء بلدان الرابطة المستقلة والقائم بأعمال الرئيس البولندي ورؤساء وممثلون من جمهوريات البلطيق التي كانت تتجاهل المشاركة في هذه الاحتفالات. وعلى رغم غياب قادة بارزين مثل الرئيسين الاميركي باراك اوباما والفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني غوردون براون وهم زعماء كانت موسكو تعول على حضورهم، فإن مشاركة جنود من الحلف الأطلسي في العرض، حملت تعويضاً للروس، كونها المرة الأولى في التاريخ التي تطأ فيها أقدام جنود «اطلسيين» الساحة الحمراء في عرض رسمي. واعتبر مراقبون ذلك مؤشراً الى تحول تعمد الكرملين التركيز عليه في احتفالات هذا العام التي غابت عن شقها الرسمي للمرة الأولى منذ انهيار الاتحاد السوفياتي رايات الجيش الاحمر الذي حقق النصر وحملت بعض الوحدات العسكرية أعلاماً حمراء محدودة العدد ومن دون المطرقة والمنجل كما غابت صور زعماء الاتحاد السوفياتي فلاديمير لينين وجوزف ستالين، بعد سجال حاد خاضته اوساط روسية انتهت بفرض المجموعات الليبرالية التي حظيت بدعم ميدفيديف رأيها في رموز العهد السوفياتي نهائياً. لكن انصار الحزب الشيوعي وبعض القوميين حرصوا على رقع صور عملاقة لستالين في اشارة لا تخلو من دلالات. وشارك في العرض حوالى 11 ألف عسكري يمثلون كل قطعات الجيش الروسي وجيوش أذربيجان وأرمينيا وبيلاروسيا وكازاخستان وقرغيزيا وطاجيكستان وتركمانيا وأوكرانيا ومولدافيا، وأيضاً وحدات من القوات المسلحة الأميركية والبريطانية والفرنسية والبولندية. كما شارك فيه أكثر من 160 آلية عسكرية ونحو 130 طائرة عسكرية اضافة الى قطع شاركت في سنوات سابقة في العروض العسكرية مثل انظمة صاروخية متطورة من طراز «اس -400» و «تور-ام 1» و «بوك-م 1» وراجمات الصواريخ «سميرتش» والمدرعات «ب إم ب-3» و «ب إم ب-4» والقاذفة الإستراتيجية «توبوليف -160» والمقاتلات «سوخوي-30» و «ميغ-29»، وراجمة الصواريخ والقذائف المضادة للطائرات «بانتسير» وصاروخ «توبول» العابر للقارات، وايضاً اسلحة تعرض للمرة الأولى مثل النظام الصاروخي الحديث «بوراتينو» وصواريخ «ار اس 24» المتطورة. وافتتح ميدفيديف العرض بخطاب حماسي وجهه الى قدامى المحاربين، مؤكداً ان الفضل يعود اليهم في تحقيق النصر وان البشرية مدينة لهم، واعتبر ان «هذه الحرب جعلتنا امة قوية وكانت القرارات تتخذ كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة في ساحات القتال وفي الخطوط الخلفية والمسؤولية عن مصير البلاد حملها المحاربون». وزاد ان الانتصار في العام 1945 لم يكن عسكرياً وحسب بل هو انتصار معنوي وأخلاقي ايضاً». وأكد الرئيس الروسي ان دروس الحرب العالمية الثانية «تدعونا الى التكاتف وان السلام ما زال هشاً. ونحن ملزمون بأن ندرك ان الحروب لا تبدأ وحدها لأن الشر يقوى اذا ما تم التراجع امامه او تجاهل تغلغله».