يعد الفن الرقمي اليوم خطوة متسارعة لأخذ موقع في عائلة الفنون الجميلة، وهو ذلك الاشتغال الجمالي بواسطة التقنية الحديثة، التي عرفتها المجتمعات العربية وتوسعت في استخدامها في العقود الأخيرة، ولم يعد هذا الاستخدام استخداماً محصوراً في النواحي العملية فقط، بل تعداه إلى توسيع آفاق الإبداع واشتغاله والتعريف به، فمنذ أعوام قلائل ظهر ما سمي بالفن الرقمي كمنافس للفن التشكيلي، وتوجه له عدد من التشكيليين وتخصصوا فيه، فكان السؤال حول مدى تأثير التنقية في الفن التشكيلي من الأجيال الصاعدة في ظل وجودهم في عالم التقنية، خصوصاً أن هذا المنحى الجديد اتخذه عدد من الفنانين التشكيليين، وأسهموا في توطين هذه التجربة عبر أعمالهم مما تشكلت إليهم ملامح جمالية لم تكن قائمة وفرضتها تلك التجارب، فكان ل«الحياة» الوقوف على هذا الفن بالسؤال عنه ومتطلباته وتطلعاته لدى الفنان التشكيلي السعودي محمد الشنيفي، الذي وصف الفن الرقمي بأنه «أداة متطورة وعصرية من أدوات الفن التشكيلي، وهي الأداة المناسبة تماماً للأجيال الجديدة، التي اعتادت على مقتنيات التقنية بجميع تخصصاتها»، فهذه التجربة هي الأقرب للأجيال الجديدة ليتوجهوا معها، كما ذكر، وأضاف أن هذا ما نلاحظه من خلال تزايد الرقميين وانتشارهم القوي على الإنترنت ووسائل الاتصال الحديثة وهم من فئة الشباب الواعد في مجال التشكيل الرقمي، مشيراً إلى أن الصورة الرقمية أصبحت المحور الرئيس الذي ترتكز حوله كل التخصصات، وهذا يعني «ظهور جيل رقمي سيصبح له شأن تشكيلي كبير في المستقبل القريب». وحول أدوات إنتاج هذا الاتجاه من الفن بخلاف أدوات الأعمال التشكيلية المعتادة كالفرشاة والألوان، لكون الفن الرقمي يتطلب جهاز كومبيوتر وبرنامج «فوتوشوب» وماسحاً ضوئياً وغيرها من التقنيات الحديثة المساعدة التي لم تكتسب كالأدوات العادية روح التواصل والتماس مع مشاعر الفنان، إذ لازمت الفرشاة الفنان وتحدثت بمشاعره وفق حركة الألوان وتدرجها الملموس، دافع الشنيفي عن أدواته قائلاً: «كل أداة لها طابعها الخاص، ومن واقعي الفني أصبحت أميل إلى الأجواء الرقمية بشكل كبير»، ويضيف أنه حين يكون هناك خيار بين الأدوات في رسم لوحة فنية، فإن الفن الرقمي إحدى هذه الأدوات، ويؤكد أن أداة الحساب الآلي تستحق التجربة والاحتراف، وأن لها أجواءها الخاصة التي لن يملها أي فنان يقوم بتجربتها، بحسب قوله. أما عن تطلعات الفنان الرقمي ومطالبه التي يأملها من جمعية التشكيليين السعوديين أو وزارة الثقافة والإعلام وما يمكن تحقيقه من تعامل الجهات المختلفة بين الفنان الرقمي والفنان التشكيلي عبّر الشنيفي ل«الحياة» أنه يتمنى اهتماماً خاصاً، موضحاً أهمية استقطاب تجاربهم وأضاف قائلاً: «إننا بحاجة إلى فرص متساوية، حتى نتمكن من صناعة فن رقمي سعودي مشرف عربياً وعالمياً، وحتى لا نتأخر عن هذا الفن كثيراً كما حدث في السابق مع الفنون التشكيلية». ولكونه استطاع الجمع بين الفن التشكيلي والفن الرقمي، كشف أنه مع تمسكه بالتقنيات التقليدية في التشكيل وإبداع لوحاته وتقديره لها، إلا أنه أصبح يميل بشكل واضح للفن الرقمي، ويجد فيه إحساسه الخاص، بحسب وصفه، ما يدفعه إلى بذل الكثير من التجارب الرقمية. وأنهى لقاءه مع «الحياة» بالحديث عن مشروعه الحالي الذي قسمه إلى ثلاث مراحل، وأنه يشهد حالياً المرحلة الثانية، وأنه «يتكون من 20 لوحة فنية ستعرض أربع تجارب فنية جديدة في عالم الفنون الرقمية، وسيتم الإعلان عن موعد ومكان العرض قريباً».