في احتجاج غير مسبوق منذ انتخاب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، احتشد آلاف الأطباء داخل مقر نقابتهم وفي محيطه في قلب القاهرة، لحضور الجمعية العمومية التي التأمت صباح أمس وتبنت إضراباً جزئياً، احتجاجاً على اعتداء عناصر شرطة على طبيبين رفضا كتابة تقرير طبي مزوّر لأحدهم، كما طالبت بإقالة وزير الصحة أحمد عماد راضي وقررت إحالته على التحقيق أمام لجنة آداب المهنة «لتقاعسه عن حماية الأطباء». وبدأت الجمعة الجمعية العمومية الطارئة لنقابة الأطباء ظهر أمس لمناقشة الاعتداءات المتكررة على الأطباء، في حضور لافت الحجم لأكثر من عشرة آلاف طبيب امتلأ بهم مقر النقابة وشارع قصر العيني في وسط القاهرة. وأقرت الجمعية العمومية بالغالبية «الامتناع عن تقديم الخدمات الطبية بأجر داخل المشافي الحكومية»، في إضراب جزئي عن العمل قد تتبعه خطوات تصعيدية. وطالبت بإقالة وزير الصحة، بعدما قررت إحالته على لجنة آداب المهنة «لتقاعسه عن حماية الأطباء في أماكن عملهم»، كما طالبت بسرعة تقديم أمناء الشرطة المتهمين بالاعتداء على أطباء مستشفى المطرية إلى محاكمة جنائية عاجلة ومتابعة كل التحقيقات. وجرى التصويت داخل الجمعية العمومية على اقتراحين الأول بالامتناع عن تقديم الخدمة الطبية بأجر وتقديم كل الخدمات الطبية بالمجان، ووافق عليه 56 في المئة من المصوتين عليه، بينما رفضت الغالبية اقتراح الإضراب الشامل عن العمل، باستثناء الطوارئ، وحصل على تأييد 44 في المئة. وأوضح عضو مجلس نقابة الأطباء هاني مهنى أن قرار الامتناع عن تقديم الخدمات العلاجية بأجر يشمل كل العيادات الخارجية في كل المستشفيات العامة، وأن النقابة قررت التنفيذ بعد أسبوعين «للاستعداد بخطة عاجلة لاستيعاب جميع المرضى من دون الإضرار بالفقراء منهم». ودعا الأمين العام للنقابة إيهاب الطاهر جميع الأطباء المشاركين في الجمعية العمومية إلى تنظيم وقفة احتجاجية لمدة 5 دقائق أمام النقابة «مع الالتزام بعدم تعطيل الطريق العام، وذلك للمطالبة بمحاسبة المعتدين على الأطباء وتأمين المستشفيات». وقررت الجمعية العمومية «الإغلاق الاضطراري لأي مستشفى تتعرض لاعتداء من أي بلطجية وإغلاقها تماماً وتفويض مجلس النقابة بذلك». وأعلنت «رفض خصخصة الصحة وبيع القطاع العام وقانون التأمين الصحي الجديد». وطالبت البرلمان ب «سرعة إصدار تعديلات على القانون لتغليظ عقوبات الاعتداء على المستشفيات». ودعت وزير الصحة إلى الاستقالة، بعدما قررت إحالته على محاكمة تأديبية داخل نقابة الأطباء، تمهيداً لسحب ترخيص ممارسة المهنة منه. وكانت نقابة الأطباء دعت إلى عقد جمعية عمومية طارئة تحت شعار «يوم الكرامة» لمناقشة الاعتداءات المتكررة على الأطقم الطبية وقرار إنشاء الهيئة الإلزامية لتدريب الأطباء، وذلك على خلفية اعتداء أمناء شرطة على طبيبين في مستشفى المطرية التعليمي. وكان طبيبان في مستشفى المطرية التعليمي اتهما 9 أمناء شرطة في قسم المطرية بضربهما وسحلهما آواخر الشهر الماضي، وقررت النيابة الأربعاء الماضي استدعاء أمناء الشرطة «استكمالاً للتحقيقات الجنائية التي تباشرها»، إلا أن النيابة قررت أول من أمس الإفراج عن أمناء الشرطة. وطالب الأطباء المشاركون في الجمعية العمومية للنقابة بإقالة وزير الصحة، مرددين هتافات: «مش عاوزينه.. مش عاوزينه.. ارحل، ارحل». واستنكر الأطباء عدم مشاركة وزير الصحة في الجمعية العمومية الطارئة، معتبرين ذلك «عدم تضامن مع قضية الأطباء»، إضافة إلى اتخاذه قرارات من دون الرجوع إلى النقابة، بصفتها الممثل الشرعي للأطباء في المحافظات. وقال نقيب الأطباء حسين خيري لدى دخوله مقر النقابة لحضور الجمعية العمومية: «لا نريد أن نأخذ القرارات التي رتبت الشرطة نفسها عليها. علينا أن نفاجئهم بقراراتنا، وأن نخلق مثالاً للتعامل في شكل جيد». وأوضح أنه «سيتم التصويت على مجموعة من اقتراحات الأطباء بإجراءات تصعيدية مناسبة طبقاً لتطورات الموقف، والامتناع عن تقديم أي خدمات علاجية بأجر». وأوضحت وكيلة نقابة الأطباء منى مينا أن «المطالبة بحق أطباء المطرية يهدف إلى عدم تكرار الواقعة مرة أخرى». وقالت في كلمتها أمام الجمعية العمومية: «اليوم يوم الكرامة، ونحن أحرص الناس على تطبيق القانون وعلى تقديم الخدمات الطبية للمواطنين. رأس النقابة مستهدفة لكنها محمية بجموع الأطباء الذين حضروا... القرارات ستكون للأطباء وليست للمجلس. سنتخذ إجراءات احتجاجية تصاعدية، لكنها لن تكون ضد المواطن». وأضافت أن «المواطن هو الذي حمانا، فإن لم تتضامن معنا النقابات لما كان موقفنا هذا اليوم. المريض ظهرنا الذي نحتمي به ولن نضره، وسنضم المجتمع معنا في كل خطواتنا التصاعدية، ونحن مع حق الأطباء في مستشفيات آمنة».