أمام مستشفى المطرية التعليمي في شرق القاهرة، يقف مرضى غاضبون من عدم تمكنهم من تلقي العلاج بسبب «إضراب» أطباء المستشفى، احتجاجاً على «اعتداء» أمناء شرطة على زملاء لهم. وتختلف روايتا طرفي الواقعة، فالأطباء يقولون إن أمين شرطة طلب إعداد تقرير طبي مزوّر يُثبت إصابات غير صحيحة، ولما رفضوا اعتدى على اثنين منهم واستدعى زملاءه من القسم وقبضوا عليهما، واحتجزوهما في القسم لساعات، فيما يقول أمين الشرطة إنه عانى «إهمالاً طبياً»، ولما اعترض تعرض للضرب من قبل الأطباء. وسعى الشرطي في ظهور تلفزيوني إلى إلباس الواقعة ثوباً سياسياً، من خلال إظهار الأطباء على أنهم «إخوان»، وأنهم «اضطهدوه» بسبب عمله، ولم ينس الحديث عن «استشهاد زملائه في مواجهة الإرهاب». وبعد أن كادت الواقعة تتوارى بمصالحة بين الطرفين في النيابة، تصاعد موقف الأطباء مجدداً، فقررت نقابتهم عقد جمعية عمومية يوم الجمعة المقبل للبحث في «خيارات التصعيد» وصولاً إلى الإضراب، «حفاظاً على كرامة الأطباء». وشكلت النقابة وفداً التقى مساعدي النائب العام لطلب إعادة التحقيق في الواقعة، وهو ما قرره النائب العام أمس. وقررت وزارة الداخلية وقف 8 أمناء شرطة عن العمل، إلى حين انتهاء التحقيقات في الأمر. وقالت ل «الحياة» وكيل نقابة الأطباء منى مينا، إن «الأطباء لن يصمتوا عن تلك الإهانة البالغة من الأمن». وأضافت: «لا نطلب سوى فتح التحقيق في الواقعة بعدما أُرغم الأطباء على التنازل عن شكواهم أمام النيابة العامة. الأطباء بعد أن كانوا شاكين تحولوا إلى جناة، وكادوا يواجهون الحبس في قسم شرطة المطرية نفسه، ما اضطرهم إلى التنازل عن المحاضر». واعتبرت أن إضراب أطباء مستشفى المطرية «اضطراري» بسبب عدم تأمينه. وقال الطبيب مؤمن عبدالعظيم، وهو واحد من طبيبين يقولان إنهما تعرضا للضرب، إنه تعرض «لإهانة بالغة من أمين الشرطة في المستشفى، وفوجئت في اليوم التالي بأنه شكاني في النيابة مدعياً أنني ضربته، وأحضر تقارير طبية مزورة، ومن ثم كان قرار النيابة أنه في حال استكمال الشكاوى سيتم حبس الطرفين، في قسم شرطة المطرية محل عمل أمناء الشرطة». وأضاف: «هددونا بتلفيق اتهامات بالانتماء إلى جماعة الإخوان، ما اضطرنا إلى التنازل عن المحاضر والتصالح». وأتت هذه المواجهة في ذروة تضامن قطاع معتبر من المصريين مع الشرطة بعدما اعتبرته «إهانة» تعرض لها أفرادها بسبب سخرية ممثل شاب ومراسل تلفزيوني من الشرطة في يوم ذكرى الثورة الذي يوافق أيضاً «عيد الشرطة»، حين أهديا ضباطاً وجنوداً في الشارع «بلالين» عبارة عن أوقية ذكرية منفوخة. وفتحت المواجهة الأخيرة الباب واسعاً أمام تبادل الاتهامات بين مناصري الطرفين، إذ ذخرت مواقع التواصل الاجتماعي بتلك المعايرات، فأنصار الشرطة يتباكون كمداً على حال المستشفيات الرثة والإهمال الطبي المستشري فيها، وصعوبة الحصول على علاج أو دواء من مستشفيات الدولة، ويعزون الشجار أساساً إلى هذا الإهمال، متبنين رواية أمين الشرطة. أما الأطباء، فذكروا بالمحامي كريم السبكي وغيره ممن قُتلوا في قسم شرطة المطرية، ورووا شهادات عن حالات يستقبلونها باستمرار مُحوّلة من أقسام الشرطة وقد نالها قدر وافر من التعذيب. ولا ينسى كل طرف التذكير ب «تضحياته» من أجل البلد، فالشرطة «تواجه الإرهاب وتفقد أبناءها»، والأطباء يتحملون رواتب هزيلة وموارد محدودة «وليسوا بعيدين من عدوى قد تكون مميتة أيضاً». اللافت أيضاً في تلك الواقعة لجوء القائمين على تطبيق القانون إلى حيل قانونية لضمان الإفلات من العقاب، فأمناء الشرطة لجأوا إلى شكوى الأطباء بعد أكثر من 10 ساعات من الواقعة، من خلال تقارير طبية صادرة من مستشفى بعيد جغرافياً من محل الواقعة، كي تتساوى المراكز أمام النيابة، ما أجبر أحدهما على التصالح، بعد «تطييب خواطر» لا يغني من وسطاء سيكون البرلمان اليوم أحدهم بعدما دعا إلى جلسة يشارك فيها وكيله سليمان وهدان وأعضاء مجلس نقابة الأطباء وممثل عن وزارة الداخلية، للبحث في الخلاف.