لندن - رويترز - يسعى نيك كليغ زعيم الديموقراطيين الأحرار في بريطانيا للحصول على تأييد أعضاء كبار في حزبه لاتفاق محتمل مع المحافظين، بعد انتخابات الخميس التي لم يفز فيها أي من الأحزاب الثلاثة الكبرى في البلاد بغالبية مطلقة. وفاز حزب المحافظين الذي ينتمي إلى يمين الوسط بأكبر عدد من مقاعد البرلمان لكنه يحتاج إلى دعم من أحزاب أخرى لتشكيل حكومة مستقرة، يمكنها السعي للحدّ من عجز قياسي في الموازنة. وسيتحقق هذا الأمر إذا أبرم المحافظون اتفاقاً مع «الديموقراطيين الأحرار» الذي سيكون له وللمرة الأولى منذ عقود، دور في الحكومة. ويجب أن يتغلّب كليغ على تشكك يسود كثراً من أعضاء حزبه ( ثالث أكبر الأحزاب في بريطانيا)، إذ يخشون أن يضطر إلى التضحية بسياسات كثيرة يعتز بها، حتى يبرم اتفاقاً. وأوضح كليغ أمس أن القضايا الأربع الرئيسة في محادثات حزبه مع المحافظين، هي الضرائب والتعليم والانتعاش الاقتصادي والإصلاح السياسي الجذري. وتنشد الأسواق المالية المتضررة بسبب أزمة الديون في اليونان، أن تتشكل الحكومة البريطانية الجديدة في أسرع وقت حتى يمكنها السعي لتقليل العجز بسرعة وبحسم. ولم يُعلن عن موعد نهائي للتوصل إلى اتفاق، لكن استمرار المشاورات طويلاً قد يلحق ضرراً بالأسواق. وترك ديفيد كاميرون زعيم المحافظين الباب مفتوحاً أمام صيغة الاتفاق الذي قد يتم التوصل إليه، عندما عرض العمل مع الديموقراطيين الأحرار. وقد يشمل الاتفاق تشكيل ائتلاف وهو أمر نادر في بريطانيا، ويرجّح أن يتضمن معاهدة يوافق بموجبها الديمقراطيون الأحرار على دعم حكومة أقلية يقودها المحافظون وتنفيذ برنامج تشريعي متفق عليه في مقابل تقديمهم تنازلات. وتعهد المحافظون بالبدء فوراً في تقليل العجز في الموازنة، بينما يرى الديموقراطيون الأحرار أن ذلك قد يضر بانتعاشة بريطانية من ركود عميق أصاب البلاد في العامين الأخيرين. وإذا فشلت المشاورات بين الطرفين، يحتمل إبرام اتفاق بين الديموقراطيين الأحرار وحزب العمال، لكنه سيكون أكثر تعقيداً لأنهما معاً لا يملكان عدداً كافياً من النواب يشكّل غالبية مجلس العموم المؤلف من 650 عضواً. ويجب على الاتفاق في هذه الحالة أن يشمل أحزاباً إقليمية صغيرة مثل حزب بليد سيمرو في ويلز والحزب القومي الاسكتلندي. وأعلن غوردون براون زعيم حزب العمال أنه يحق للمحافظين والديموقراطيين الأحرار محاولة تشكيل حكومة أولاً، على رغم أنه يحق له بموجب الدستور وبحكم منصبه كرئيس حالي للوزراء أن يحاول أولاً تشكيلها. في المقابل، رأى مراقبون من بلدان نامية أن النتائج غير الحاسمة أظهرت ضرورة إصلاح النظام الانتخابي في بريطانيا وكذلك انتهاك الإجراءات في شكل كبير. وكثيراً ما تنتقد بريطانيا المخالفات الديموقراطية في البلدان النامية، لكن الأوضاع انقلبت الخميس الماضي عندما راقب للمرة الأولى أشخاص من دول في منظمة الكومنولث الانتخابات البريطانية وشاهدوا إبعاد مئات الناخبين عن مراكز الاقتراع المزدحمة. وقال المراقبون في بيان «عموماً، توصلنا إلى أن النتائج عكست إرادة الشعب وأظهرت أن عملية التصويت تمت بسلاسة (...) وعلى رغم أن فريقاً تابعاً لنا سمع شيئاً عن أعمال بلطجة وترويع فإن الجو يوم الانتخابات كان هادئاً عموماً». ولفتوا إلى أنه «ربما حان الوقت لإعادة النظر في النظام مجدداً»، إذ «لا توجد ديموقراطية معصومة من الخطأ حتى وإن كانت عريقة وعتيدة». وفتحت جهة مراقبة الانتخابات تحقيقاً أول من أمس بعد إبعاد مئات الناخبين عن مراكز اقتراع مزدحمة. وكان توافد ناخبين في وقت متأخر جعل بعض المراكز غير قادر على استيعاب الصفوف قبل الساعة 10 مساء عند إغلاق المراكز أبوابها، ما أثار مواجهات مع المسؤولين. وذكر مراقب أنه لم يطلب من الناخبين إظهار هوياتهم، وأن التصويت عبر البريد كان عرضة للتزوير. كما أشار إلى نقص في عدد العاملين في مراكز اقتراع ما قد يسبب تجاوزات في أوقات الزحمة.