يعد رابح سعدان، المدرب الحالي للمنتخب الجزائري، أحد أكفأ وأفضل التقنيين الجزائريين بعد أن أثبت «بالنتائج» مع جميع الأندية والمنتخبات التي دربها أنه «رجل يتقن مهنته جيداً» وأنه «الأفضل حالياً» على حد تعبير الدولي الجزائري الأسبق رشيد أدغيغ. هادئ بطبعه، قليل الكلام، حكيم في تعامله مع لاعبيه ومحيطه من اتحاد الكرة ومشجعين ورجال الإعلام. يشبه كثيرون «أسلوبه التكتيكي الناجح» بذلك الذي كان يميز عمل شيخ المدربين الجزائريين عبدالحميد كرمالي «79 سنة»، فهما وجهان لعملة واحدة اسمها النجاح، وإن كان كرمالي أهدى للمنتخب الجزائري التاج الافريقي عام 1990 وقاد منتخب الشباب إلى ربع نهائي مونديال 1979 ولم ينهزم سوى أمام المارد الارجنتيني مارادونا، فإن سعدان (64 سنة) يرتبط اسمه بنجاحات المنتخب والأندية الجزائرية والمغربية على وجه التحديد، إذ انه المدرب الجزائري الوحيد الذي يعود له الفضل في تأهل المنتخب إلى المونديال في المرات الثلاث التي تأهل فيها (82 و86 و2010)، ففي الأولى كان ضمن المجموعة التي قادها رشيد مخلوفي، في حين كان وحده المدرب الرئيس للمنتخب بمونديال 1986 في المكسيك. وبعد 24 سنة من الغياب عاد الرجل ونجح بفك شفرة العقم الذي لازم الجزائر طويلاً وأهله مجدداً إلى المونديال الذي سيقام للمرة الأولى على الأراضي الأفريقية. وفيما لم تكن المرات السابقة التي أشرف فيها على بعض الأندية الجزائرية ذات بال، فإن خروجه من الجزائر مكرهاً بعد مونديال 1986 إلى المغرب حظي بنجاح خرافي مع الرجاء البيضاوي الذي توج معه بلقب الكأس الأفريقية للأندية البطلة «أبطال الدوري حالياً» عام 1989 على حساب مولودية وهرانالجزائري. كان خروجه من الجزائر إثر تهديدات بالقتل تعرض لها وأسرته من مشجعين متعصبين كادوا يحرقون بيته بأعالي الجزائر العاصمة بسبب النتائج السلبية للمنتخب بالمونديال المكسيكي، ومن يومها فضل عدم خوض مغامرة جديدة بالجزائر «خوفاً على حياته» حتى 2004 عندما استنجد به اتحاد الكرة آنذاك – بقيادة محمد روراوة - لقيادة المنتخب في أمم أفريقيا في تونس. ومن المفارقات أن المنتخب تلقى عشية سفره إلى تونس خسارة مذلة من المنتخب المالي في ملعب 5 يوليو بالجزائر (0/2) ما ألب الصحافة والرأي العام الرياضي ضده، لكنه في تونس أظهر وجهاً مغايراً وقدم المنتخب الجزائري مستوى رائعاً بالتعادل من الكاميرون والفوز على مصر (2/1) بفضل هدف عشيو الشهير على رغم النقص العددي، وصعد إلى ربع النهائي اذ خسر بالكاد من المغرب الشقيق. انسحب بعدها «الشيخ»، كما يحلو للجزائريين مناداته احتراماً وتقديراً، من المسرح الكروي بالجزائر واتجه شرقاً حيث أشرف على منتخب اليمن قبل أن يعود مجدداً إلى الجزائر حيث تعاقد مع نادي وفاق سطيف الذي أحرز معه لقبي الدوري المحلي والعربي (2007)، لكن خسارة الجزائر من غينيا (0/2) في آخر مباراة تصفوية لأمم أفريقيا 2008 واقصائه من المرور إلى النهائيات عجلا بعودة الشيخ على رأس المنتخب خلفاً للفرنسي كافالي. وفي ظرف سنتين فقط نجح سعدان حيث فشل عشرات المدربين الجزائريين والأجانب وشكل منتخباً شديد المراس مهاب الجانب بفضل كتيبة من «المحاربين» الموهوبين الذين لا يرهبون احداً ونجحوا بتحقيق حلم طاول انتظاره 24 سنة. وبلاعبين تحدوهم الإرادة الصلبة بالوقوف بوجه الإنكليز والأميركان في المونديال، يريد سعدان وقد بلغ من التدريب عتياً أن ينهى مشواره مع المنتخب بأجمل هدية.. هي المرور للدور الثاني ليكون بذلك المدرب الجزائري الوحيد الخالد بذاكرة الجزائريين!