هناك عبارة بالإنكليزية تقول: «كل ما تعرف خطأ»، وهي في الأساس تسخر من المعلومات الزائفة أو المضللة عمداً التي تبادلها المعسكر الغربي والاتحاد السوفياتي في سنوات الحرب الباردة. وأعتقد أن هناك كتاباً بهذا المعنى ينفي «الإعلام الأسود» عن صناعة الدواء وغسل الأموال وتفجير الرحلة 103 لطائرة بان اميركان فوق لوكربي، وربما إرهاب 11/9/2001 وغير ذلك. أقول للقارئ ان كل ما يعرف عن «البعبع» الذي أصبح الاسم الآخر لإيران خطأ، فإيران قبل محمود أحمدي نجاد وبعده لها أطماع فارسية معروفة عبر الخليج وفي المنطقة، وما بعدها، وجزر الإمارات احتلت أيام الشاه، ولو جاء الآن أي معارض رئيساً لبقيت محتلة لأنها لا تحرر بالتحالف مع اميركا، أو بتجاهل الخطر الحقيقي الذي تمثله إسرائيل. - الولاياتالمتحدة في ايام إدارة جورج بوش الابن، وإسرائيل تعاونتا لإخافة العرب من إيران وبرنامجها النووي العسكري المزعوم، وإلى درجة ان ينسوا إسرائيل وخطرها الحقيقي عليهم. - بعض العرب سقط بامتياز، وأصبح يحدثنا صباح مساء عن خطر سلاح إيران غير الموجود، ما يحول الاهتمام عن خطر حقيقي لإيران هو أطماعها الفارسية في المنطقة ومحاولتها تصدير الثورة الشيعية الى بلدان غالبيتها سنية، وإنشاء شبكات تجسس وتخريب تُحرّك وقت الحاجة. - ما سبق يعني انني أنفي عن إيران تهمة البرنامج النووي، وأثبت أطماعها، والسبب من دون تواضع فارغ ان ليست لي قضية مع إيران أو ضدها، وإنما أحاول تحري الحقيقة، من منطلق ولائي الوحيد وهو عربي عام وإنساني، وليس دينياً أو تعصباً شوفينياً، أو مرضاً في النفس. - كما ان الساعة المتعطلة تشير الى الوقت الصحيح مرتين كل 24 ساعة، فإن «تعطل» أحمدي نجاد السياسي لا يمنعه من قول الحقيقة أحياناً، وهو في الأممالمتحدة قال ان الولاياتالمتحدة وحدها استعملت الأسلحة النووية ضد بلدان أخرى، وأنها لا تزال تهدد باستخدامها ضد بلدان أخرى، مثل ايران وكوريا الشمالية، في إشارة منه الى مراجعة أميركية للسياسة النووية صدرت اخيراً. - أحمدي نجاد قال نصف الحقيقة بالنسبة الى موضوع آخر هو المقاطعة، فقد قال ان بلاده تتحمل المقاطعة منذ 31 سنة، والمقاطعة سترتد على مصالح أميركا في المنطقة ولن تؤذي بلاده. إيران أخضِعت لثلاث جولات من عقوبات مجلس الأمن، وقد تواجه جولة رابعة تعد الولاياتالمتحدة، أو توعد، بأن تكون «قاصمة». وأحمدي نجاد يصيب فقط بالقول ان ايران ستتحملها، فالحكومة ستتحمل، إلا انه يخطئ بعد ذلك، فالشعب الإيراني سيعاني في قوت يومه وصحته، وسيواجه وضعاً من نوع ما واجه شعب العراق في التسعينات وما أدى الى موت عشرات ألوف الأطفال (بعض التقديرات يتحدث عن مئات الألوف). - المعارضة الإيرانية تريد الوصول الى الحكم، إلا انها ليست بعيدة من سياسة الحكومة الحالية في الموضوع النووي، ويكفي ان نذكر ان رؤساء ايران منذ الثورة الإسلامية سنة 1979 كان بينهم المعتدل والمتطرف، بحسب التصنيف الغربي، إلا انهم جميعاً ايدوا استمرار البرنامج النووي. - المصري الدكتور محمد البرادعي فضح تزوير وثائق النيجر التي تحدثت عن استيراد عراق صدام حسين اليورانيوم من النيجر، وهذا يكفي لنصدقه عندما يقول ان لدى ايران برنامجاً نووياً قد يكون عسكرياً أو لا يكون، وأن ما نسعى إليه هو «المعرفة» في صنع قنبلة ذرية لاستعمالها وقت الحاجة، والآن، هناك الياباني يوكيا امانو على رأس وكالة الطاقة الذرية الدولية، وهو يتحدث عن موقف اكثر حزماً إزاء إيران ويطالبها بمزيد من الشفافية في برنامجها النووي، إلا انه لا يجزم ابداً بوجود جانب عسكري له. أقول ان الناس، والدول، لا تحاسب على نواياها، وهي هنا غير مؤكدة، وإنما على أفعالها، والمطلوب التركيز على اسرائيل فهي دولة فاشستية محتلة يقود حكومتها مجرمو حرب وتملك ترسانة نووية مؤكدة. - إذا طلع القارئ من «سنّيته» أو «شيعيته»، أو أي ولاء آخر له، وأدرك مدى صدق السطور السابقة فإنني أرجو ان يدين معي أي مسؤول عربي أو باحث أو صحافي ينكر الموجود عند اسرائيل، ويخاف من غير الموجود عند إيران. العربي هذا من نوع شخصيات رواية «ساحر أوز» فهو إما أسد جبان، أو «خيال مآتي» أو «فزّاعة» من دون عقل، ما يجعله «الرجل التنك» الذي رافق دوروثي وهو من دون قلب لمقابلة ساحر بلاد أوز. [email protected]