«ما أن تظهر شاحنة تقترب من جهة الحدود الأردنية، حتى نبدأ الاستعداد للقفز عليها وتسلق جوانبها من أجل الحصول على قطع من البسكويت أو بعض المعلبات نسد فيها جوعنا، الذي أصبح يرافقنا منذ أن خرجنا من ديارنا في الرقة، هرباً من ظلم داعش»، هكذا يصف العشريني محمد كاظم أيامه التسعين التي قضاها مع الآلاف من الشباب والأطفال والنساء السوريين، الذين ما زال الكثير منهم عالقين ويقاسون الظروف السيئة في مخيمات عشوائية على الحدود الأردنية. ويضيف كاظم الذي أطلق على نفسه هذا الاسم لاعتبارات قال إنها أمنية وتمكن منذ أيام من الدخول إلى الأردن مع أطفاله، بعد أن خضع لتدقيق أمني شديد من قبل السلطات الحدودية الأردنية، إلى أن اللاجئين على الحدود تتقطع بهم السبل، فهم لا يستطيعون الدخول إلى الأردن بسهولة كما أخبرهم سماسرة اللجوء، بسبب التدقيق الأمني الذي بدأ الأردن بتطبيقه منذ أكثر من ستة أشهر على كل لاجئ يريد الدخول إلى المملكة، ولا يستطيعون العودة إلى ديارهم خوفاً من إعدامهم من قبل عناصر تنظيم «داعش» بتهمة الخيانة العظمى بسبب «الفرار من دولة الخلافة». ويقول الشاب إن اللاجئين على الحدود يعيشون على الفتات، وما تستطيع شاحنات مفوضية اللاجئين نقله لهم عبر الحدود، وهو قليل بسبب الظروف العسكرية والأمنية في المناطق الحدودية السورية التي تشهد معارك بين الحين والآخر، والضربات الجوية من قبل الطيران الروسي الذي لا يفرق بين المعارضة المعتدلة وكوادر «داعش» التي تدخل الروس عسكرياً لضربها كما يزعمون. ويضيف كاظم أن آلاف الشباب السوريين يقيمون في خيام بعضهم مع من تبقى من أسرهم وآخرون بشكل فردي هرباً من إمكان تجنيدهم من قبل التنظيم, مشيراً إلى أنهم لا يجدون أي عمل، ويمضون معظم وقتهم في ترقب شاحنات الإغاثة. وتشير شقيقة كاظم التي طلبت نشر حديثها تحت اسم «عائشة» إلى أن حال الفتيات في هذه المخيمات العشوائية مأسوي ولا توفر لهن أي خصوصية أو أدنى متطلبات الحياة البشرية. وتشير عائشة التي لم تبلغ بعد 17 سنة إلى أن الفتيات في هذه المخيمات لا يستطعن الحصول على لقمة العيش، إلا ما يحصله لهن أقاربهن من الذكور، مشيرة إلى أن الكثير من الفتيات غير مصحوبات بإخوة شباب أو أزواج ما يعرضهن لإحراج كبير، بحيث يضطررن إلى مزاحمة الشباب في تسلق شاحنات الإغاثة، بخاصة أن بعضهن مات أزواجهن في القصف أو تعرضوا للإعدام من قبل «داعش» ولهن أطفال. وتضيف عائشة أنها شاهدت بنفسها أطفالاً يمرضون ويموتون جراء الظروف القاسية، بخاصة البرد الشديد الذي تشهده منطقة المخيمات وهي بغالبيتها صحراء قاحلة. وتوضح أن بعض الأطفال ماتوا بسبب سوء التغذية في الوقت الذي لا تتوافر فيه رعاية طبية في المخيمات لتواجدها في منطقة حدودية خطرة لا تستطيع المنظمات الإغاثية الدولية الدخول إليها، خوفاً من تعرضها للقصف. علماً أن بعض الشاحنات والفرق الطبية الأردنية تتمكن من الدخول بين الفينة والأخرى لمساعدة اللاجئين والحالات الطارئة، لكنها تبقى غير كافيه في النهاية للعناية بحوالى 20 ألف شخص يقطنون في العراء. وبحسب مصدر حكومي أردني فإن ما يؤخر دخول هؤلاء اللاجئين إلى المملكة هو توافر معلومات مؤكدة بأن هناك عناصر من تنظيم «داعش» الإرهابي يندسون بين السوريين العالقين على الحدود الأردنية السورية. ويشير المصدر إلى أن الأردن يجري تدقيقاً أمنياً صارماً على من يريد الدخول منهم إلى المملكة، وهو ما يؤخر دخول بعضهم، ويمنع دخول آخرين كثراً. وما يؤكد وجود عناصر ل»داعش» بين الوافدين بحسب المصدر الحكومي، هو «النزوح الكثيف وبشكل غير منطقي ومريب من مناطق بعيدة تعتبر معاقل ل «داعش» مثل الرقة والحسكة ودير الزور في شمال وشرق وغرب سورية إلى الحدود الأردنية, وهي الأبعد عنهم». وأضاف المصدر أن الأردن يستقبل يومياً أكثر من 50 لاجئاً سورياً ولم يغلق حدوده في وجههم، بيد أنه يريد الحفاظ من نجاعة آليات التدقيق الأمني التي يطبقها، وأنه لن يتعرض للخداع من قبل «داعش». وكان وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية محمد المومني قال في تصريحات صحافية أن «هؤلاء السوريين قدموا من شمال وشرق سورية، من مناطق هي أقرب ما تكون إلى بلدان أخرى من الأردن». وأكد أنه «تم تزويد هؤلاء السوريين بحاجاتهم من الخيم والأدوية وكل حاجاتهم الإنسانية عن طريق الأردن ومن تخصيصات وكالات الأممالمتحدة، والقوات المسلحة الأردنية»، مشيراً إلى وجود عيادات داخل المخيم بدعم من الوكالات الدولية فضلاً عن قيام وزارة الصحة الأردنية بحملات لتلقيح للأطفال.