بدأ اهتمام رجال الأعمال السعوديين والدوليين، خلال الآونة الأخيرة، يتزايد بالاستثمار في مجال الاستزراع السمكي البحري، نظراً إلى مردوده الجيد والأسواق الجاذبة، فضلاً على كونه صناعة ناشئة في السوق السعودية. يأتي ذلك في الوقت الذي تشير فيه الإحصاءات الحديثة إلى أن معدل متوسط استهلاك الفرد السعودي من الأسماك بلغ 11,5 كيلوغرام سنوياً، مقارنة بالمعدل السنوي العالمي الذي يبلغ 18,5 كلغم. وفي السياق ذاته، استعرض 21 خبيراً دوليين من قارات آسيا وأوروبا وأميركا، في ختام فعاليات منتدى الفرص الاستثمارية في الاستزراع المائي بينبع، تجارب بلدانهم الناجحة في قطاع الاستزراع المائي، فضلاً على حثهم وتشجيعهم رجال الأعمال السعوديين وأصحاب المصلحة والمشاركين من القطاعات المختلفة على الاستثمار في هذا القطاع الحيوي المهم، الذي يعتبر ضمن أهم الاستثمارات الاقتصادية الواعدة في المملكة. في حين نوه ممثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في المملكة الدكتور أبوبكر محمد بأن المنتدى لعب دوراً مميزاً في تبادل المعلومات ونقل الخبرات بين المشاركين ورجال الأعمال والمستفيدين، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على الاستثمارات المستقبلية في قطاع الاستزراع المائي، لافتاً إلى أن التعاون الفني بين وزارة الزراعة والمنظمة قدّم أداة مرنة لتعزيز قدرات الوزارة في تنمية القطاع الزراعي، إذ يشمل البرنامج حالياً 16 مشروعاً تُغطي مجالات عدة ومختلفة، ويتضمن مشروعاً لتطوير تقنيات وإنتاجية الاستزراع السمكي البحري، الذي تم من خلاله دعم مركز أبحاث الثروة السمكية بجدة من خلال تعزيز القدرات الفنية لموظفيه وتحسين البنى التحتية للمركز. وتحقق خلال المرحلة الحالية إعداد «أطلس» المناطق المحتملة والواعدة لاستزراع الأقفاص البحرية في البحر الأحمر، وتطوير المبادئ التوجيهية الفنية لاختيار مواقع استزراعها، وتطوير نماذج قياسية لتقديم طلبات تراخيصه، وتطوير دراسة جدوى فنية واقتصادية كاملة لنموذج مزرعة استزراع متوسطة الحجم من الجمعية التعاونية لصيادي الأسماك بمنطقة «تول» شمال جدة، إضافة إلى تصميم وتنفيذ أكثر من 20 نشاطاً تدريبياً شملت ورش عمل وندوات ورحلات دراسية، تم خلالها تدريب أكثر من 220 مشاركاً. وأضاف ممثل منظمة الفاو أنه، في إطار التوجهات الوطنية الناشئة، تم الاتفاق بين الوزارة والمنظمة على الشراكة في مشروع «مبادرة النمو الأزرق السعودي» بوصفه أحد الأولويات الاستراتيجية للتعاون للمرحلة القادمة خلال الفترة 2016–2021، ويتضمن هذا المشروع ثلاثة مكونات رئيسة، تشمل إنشاء وتفعيل نظام كفء وفعّال لإحصاء ورصد ومراقبة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، والتوسع المستدام والتكثيف المسؤول لتربية الأحياء المائية في المياه البحرية والداخلية، واعتماد وتشجيع واتباع الممارسات السليمة وأنظمة مراقبة الجودة في إدارة تربية الأحياء المائية والمصايد البحرية. من جانبه، أشار خبير منظمة الفاو لدى روما أليساندرو لوفاتيلي إلى أن الاهتمام المتزايد بصناعة الأسماك عالمياً يأتي من أهمية الأسماك بوصفها غذاء يسهم في الأمن الغذائي العالمي، موضحاً أن هناك خطوات مهمة قامت بها السعودية لزيادة الإنتاج واستدامته، عبر تمكين البيئة الملائمة لرجال الأعمال للاستثمار في هذا المجال والتوسع في إنتاج أصناف بحرية ذات مردود تجاري، والذي من شأنه خلق فرص عمل والإسهام في الأمن الغذائي. يذكر أن المنتدى الذي نظمته وزارة الزراعة بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، عقد برعاية أمير منطقة المدينةالمنورة فيصل بن سلمان، واستمرت أعماله يومين متتاليين، شملت معرضاً مصاحباً ضم 37 شركة محلية وعالمية قدمت منتجاتها للمستثمرين والزوار، وندوات علمية عن السبل والمنهجيات والتجارب العالمية المهمة في مجال الاستزراع المائي.