يستكشف كتاب «التواصل عبر الترجمة في عالم رقمي»، الصادر حديثاً عن المركز القومي المصري للترجمة، ترجمة محمد عبد العاطي مسعود وتقديمه، تطور نوع جديد من دعم اللغة يسمى «الترجمة من بُعد» Tele Translation. ويشرح ذلك التطوّر النوعي عبر درس سياقات مستحدثة في أنماط التواصل العالمية، مبيّناً المتطلبات المميّزة للترجمة والتحرير الفوريّين من بُعد، إضافة إلى أنواع الأدوات والتدريب المتّصلين بهما. وفي الكتاب، يحلّل المؤلفان ميناكو أوهاغن وديفيد أشوورث، العلاقة بين الطرفين الرئيسيين المشاركين في عملية التواصل عبر الترجمة تحريريّاً وشفويّاً استناداً إلى رؤية ترى أن الترجمة باستخدام الانترنت هي شكل آخر للتواصل عبر العوالم الافتراضيّة. ويتوزّع الكتاب على أربعة أجزاء رئيسية. ويقدم الجزء الأول الصورة العامة لموضوع الكتاب، مسلّطاً الضوء على التغيرات الرئيسية التي أحدثتها شبكة الانترنت في الترجمتين التحريرية والشفوية. ويسلط الضوء على القضايا الناشئة عن السياق الرقمي في عمل الترجمة. ويركز أيضاً على عدد من السمات المحددة في عمليات ترجمة النصوص والأصوات، باستخدام الانترنت. ويشمل ذلك مفاهيم أساسية كالثقافة الرقمية، إضافة إلى كفاءة الترجمة والمترجم. ويشرح الجزء الثاني التقنيات الحديثة في الترجمة الرقميّة، إضافة إلى تبيان الآثار المترتبة على عمليات العولمة والتوطين. ويبحث في التقنيات المتعلقة بمعالجة اللغة الطبيعيّة عبر استخدام التقنيات الرقمية على الانترنت. ويلفت إلى أثر الثقافة على التكييف مع مسارات التقنية. إذ لا يبدو استخدام اليابانيين البريد الإلكتروني متطابقاً مع استعمال الأميركيين تلك التقنية. وكذلك لا ينظر المتحدثون باللغة الصينية دائماً إلى الدردشة النصيّة على أنها مفيدة أو وسيلة تحرّرهم من القيود الاجتماعيّة. وتشير تلك الجوانب إلى التعقيدات التي تواجه العولمة التي لا يمكن لها السير قدماً من دون مراعاة فعلية لثقافة المتلقي، ما يعني ضرورة تعاملها مع المروحة الواسعة من الثقافات، وصولاً إلى المستويات الفرديّة أيضاً. وشرح المؤلفان شكلاً هجيناً محتملاً من الدعم اللغوي سميّاه «الترجمة التحريرية الشفهيّة». ولمسا أيضاً تأثير عملية العولمة على الترجمة في شكل جوهري، خصوصاً الحاجة إلى توطينها تماشياً مع المفهوم الذي قدمه جايل (1995) عن التطويع الثقافي لرسائل التواصل. وينتقل الجزء الثالث إلى صميم ممارسة الترجمة من بُعد، شارحاً تقنيات في طريقها إلى النضج، تتعلّق بآليات الترجمة الشفهية من بُعد، التي تنتظرها شركات الخليوي على أحر من الجمر. ثم ينتقل النقاش في الكتاب إلى مشاكل تقنية تفصيليّة تتعلق بالترجمة الشفهيّة من بُعد، على غرار عرض النطاق في الاتصال مع الانترنت، وأساليب إدارة الاتصال بين المترجم الشفهي الرقمي من جهة، وأطراف الاتصال من الجهة الثانية. ثم يناقش الكتاب دور شبكة الانترنت بوصفها منصة للتطورات المهنية المتصلة بالمترجمين تحريريّاً وشفاهيّاً عبر تلك الشبكة، وما يتطلبه ذلك من مهارات ومعارف. ويشمل ذلك النقاش، دورات الترجمة عبر ال «ويب»، وآفاقها المستقبلية، خصوصاً في الترجمة الشفهيّة. وينتقل الجزء الرابع من الزمن الحاضر إلى المستقبل، مقدّماً رؤية حول دور الترجمة في مجتمعات المعلومات المستقبليّة التي تكون مستندة إلى قاعدة عريضة من شبكات الاتصالات الرقمية. ويشير أيضاً إلى تقدّم تقنيات الترجمة نحو آفق بعيد تظهر فيه آلات ذكيّة ربما تكون قادرة على كشف الدوافع البشرية وراء النص والحديث.