اتفق القادة العرب في قمتهم العربية الخامسة والعشرين التي عُقدت في الكويت أمس على أن إنقاذ سورية من «الكارثة» التي تعيشها للسنة الرابعة يشكّل ضرورة قصوى لهم. لكن هذا الاتفاق وقف دون التفاصيل، إذ حالت تحفظات البعض دون تسلّم «الائتلاف الوطني السوري» المعارض مقعد سورية، لكن رئيس «الائتلاف أحمد الجربا» أُعطي الفرصة لإلقاء الكلمة فحض القادة على تقديم السلاح وتسليم السفارات السورية إلى المعارضة. وأبدى ولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبدالعزيز استغرابه من حرمان «الائتلاف» من مقعد سورية الذي كان أُقر في القمة العربية الأخيرة. وأكد في كلمة المملكة التي ألقاها في الجلسة الافتتاحية أن الخروج من المأزق السوري «يتطلب تغيير ميزان القوى على الأرض وإعطاء المعارضة السورية ما يستحقون من دعم ومساندة»، وطالب ب «إرسال رسالة قوية للمجتمع الدولي ليغيّر أسلوبه وتعامله مع الأزمة السورية». وأقر كثير من القادة أمس باستفحال الخلافات العربية والحاجة إلى معالجتها، وشدد أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد على «مواجهة وحل الخلافات التي اتسع نطاقها في أمتنا العربية وباتت تعصف بوجودنا»، في حين دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي إلى «الوقوف على الأسباب الحقيقية للخلافات العربية - العربية والتعامل معها بشفافية ووضع حلول ناجعة لها». كذلك شغل موضوع «الإرهاب» جزءاً مهماً من اهتمامات القادة وكلماتهم، لكن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد رفض «أن ندمغ بالإرهاب طوائف كاملة، أو نلصقه بكل من يختلف معنا سياسياً». وقال: «لا يليق أن يتهم كل من يفشل في الحفاظ على الوحدة الوطنية دولاً عربية أخرى بدعم الإرهاب في بلده»، في رد غير مباشر على اتهام رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لقطر والسعودية بدعم الإرهاب في بلاده. وحصلت القيادة المصرية على دعم وتعاطف من الجانب الخليجي، إذ هنأ الشيخ صباح الأحمد «الأشقاء في جمهورية مصر العربية على ما تحقق من خطوات مهمة في تنفيذ خريطة الطريق»، بينما عبّر الأمير سلمان بن عبدالعزيز عن تأييد «الخطوات التي اتخذتها الدول العربية الشقيقة لتحقيق الاستقرار والأمن»، في إشارة إلى مصر التي هنأها «نتيجة الاستفتاء على الدستور». وأجمعت كلمات القادة على تجديد الدعم للقضية الفلسطينية وإدانة الممارسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين وفي اتجاه توسيع الاستيطان، إلا أن كلمة قطر ركّزت على الأوضاع الإنسانية في غزة إذ طالب الشيخ تميم بفتح المعابر لسكان القطاع وأكد التزام الدوحة بمساعدات بربع بليون دولار وتأسيس صندوق قطري للقدس. وقلل من حجم الخلاف بين قطر والقيادة الحالية في القاهرة، مع تأييد ضمني للحراك المعارض هناك، وقال: «تجمعنا بمصر الشقيقة الكبرى التي نتمنى لها الأمن والاستقرار السياسي وكل الخير في الطريق الذي يختاره شعبها الذي ضرب أمثلةً مشهودةً في التعبير عن تطلعاته». وطالب رئيس «الائتلاف» السوري أحمد الجربا أمس «بالضغط على المجتمع الدولي لتسليح قوى المعارضة»، كما طالب الحكومات العربية بأن «تسلم السفارات السورية في العواصم العربية إلى الائتلاف الوطني» لأن «النظام السوري فقد شرعيته». وعقد القادة العرب أمس جلستين صباحية ومسائية ومن المقرر أن تعقد الجلسة الختامية ظهر اليوم ليصدر عنها «إعلان الكويت» الذي يتضمن البيان الختامي للقمة. وفي حديث إلى «الحياة» قال وكيل وزارة الخارجية الكويتي خالد الجار الله إن أبرز ملامح «إعلان الكويت» الذي ستصدره القمة العربية اليوم «يتضمن توجهات عامة إيجابية تسعى إلى تحسين الوضع العربي وتكريس التضامن العربي، وهي توجهات تتعلق بقضايانا السياسية والمصيرية وفي مقدمتها قضية فلسطين والوضع في سورية ودعم لبنان وليبيا واليمن والصومال، وكل ذلك يحتاج إلى توجه، كما أن هناك الخلاف الإماراتي - الإيراني». وقال إن الإعلان سيتضمن «كل القضايا المصيرية وبأفكار وبتوجه في صالح قضايانا المصيرية». وسئل عما يميّز إعلان الكويت عن قمم سابقة، فأجاب: «مع احترامي لكل الإعلانات التي صدرت عن قمم مختلفة، إلا أننا نشعر بأن ما سيتضمنه إعلان الكويت سيكون ملامساً لهموم وشجون أبناء الأمة العربية وسيضع خريطة طريق لمستقبل أفضل لهذه الأمة، وبالتالي نحن نعوّل كثيراً على التوجهات التي سيتم الإعلان عنها من خلال «إعلان الكويت» ونتمنى أن نضع ما يتضمنه موضع التنفيذ وبذلك نكون قدمنا خدمة كبيرة لأمتنا العربية إن شاء الله». وعما إذا كانت توجد آليات ستضعها الكويت لتطبيق القرارات وإعلان الكويت قال إن كلمة أمير الكويت تضمنت إشارة إلى موضوع الخلافات وتجاوزها وسيتضمن الإعلان نظرة لتجاوز الخلافات وما يمكن الأمة العربية من الانتقال إلى مرحلة التنفيذ والصدقية في التنفيذ. وعن القرارات التي ستصدرها القمة قال إنها عدة وتتناول قرارات سياسية واقتصادية وتنموية واجتماعية وعن آليات العمل العربي وسنحدد توجهاتنا في شأن القضية الفلسطينية، والوضع في سورية وفقاً لمنطلقات أساسية من بينها إنقاذ سورية من «الكارثة». وأشار إلى مؤتمر جنيف الأول والثاني وقال إن هناك دعماً لجهود ديبلوماسية تبذل، إضافة إلى دعم البعد الإنساني للاجئين السوريين، كما تحدث عن قرارات تتناول آليات العمل الاقتصادي العربي وتحديدها، وستصب لمصلحة توجهات العمل الاقتصادي العربي.